&مرسى عطا الله

ثمة شيء يثير القلق فى مسألة الجزر التى طفت على سطح الأحداث وغطت على العديد من الملفات التى تستحق أولوية الاهتمام لدى مصر والسعودية. لقد غاب عن المتصايحين على الجانبين أن ترسيم الحدود بين الأشقاء لا ينبغى له أن يحدث فتنة تؤثر ــ سلبيا ــ على علاقات المحبة والإخوة والصداقة وتدفع باتجاه مسارات شائكة قد تترك جروحا هنا أو ندوبا هناك.

&وإذا كان هناك مصريون كثر قالوا بأن جزيرتى تيران وصنافير سعوديتان فإن هناك أيضا أصواتا سعودية ترى أن الجزيرتين أصبحتا مصريتين منذ أن آل أمر إدارتهما والدفاع عنهما إلى مصرــ بارتضاء سعودى لكن القول الفصل يظل فى النهاية رهنا بالوثائق والخرائط والمستندات التى لها الكلمة العليا وفقا للقانون الدولى وحماية للعلاقات التاريخية بين مصر والسعودية خصوصا وقد بدأت تدخل على الخط أطراف وقوى إقليمية ودولية من أجل استثمار هذه المسألة فى ضرب العلاقة الاستراتيجية بين القاهرة والرياض.

&ولعل أكثر ما يغيب عن عصبة المهيجين على الجانبين أن قضايا ترسيم الحدود ليست من قضايا حرية الرأى وحرية التعبير وإنما هى قضايا تحكمها الوثائق والمستندات والخرائط ولا مجال للإفتاء فيها تحت رايات المزايدة الوطنية هنا أو هناك لكسب شعبية رخيصة أو تسول المزيد من التصفيق والهتاف الأجوف!&

إن صوت العقل لا ينبغى له أن يغيب عند التعامل السياسى والإعلامى مع هذا النوع من القضايا الحساسة خصوصا أنه يحمد للإدارة السياسية فى البلدين أنهما تجنبا على مدى عدة عقود مضت الإيحاء بأن هناك نزاعا وكان الحرص واضحا من الجانبين على أن المسألة تندرج تحت ما يسمى بالسعى المشترك لاكتشاف الحقيقة والقبول بها !&

وما أبعد المسافة بين الاحتكام للقانون الدولى مشفوعا بالرأى الفنى المرتكز للخرائط المساحية والبحرية وبين مجاراة المشاعر المفهومة والمحمودة على الجانبين لمن يدعون أنهم وحدهم يملكون الحقيقة الكاملة حبا فى أوطانهم... والمهم فى النهاية مراعاة الحرص على تجنب إثارة الفتنة بمزيد من المصارحة والشفافية احتراما لحق الرأى العام هنا وهناك فى الاطمئنان إلى ما سيتم الاتفاق عليه بشكل نهائى بعد اجتياز مراحل التصديق البرلمانى طبقا للدستور المصرى تحديدا !