&حسين ابراهيم &

ربما كان الإرباك الذي أخّر المفاوضات اليمنية في الكويت، بامتناع وفد الحوثي - علي عبدالله صالح عن الحضور في الموعد المحدد، واحدا من عوارض عديدة لتدهور مستجد على جبهات مختلفة عسكرية وغير عسكرية في مجمل الشرق الأوسط. فهو ترافق مع انهيار تام للهدنة في سورية وفشل جولة المفاوضات في جنيف، ومع إخفاق المحادثات حول تجميد انتاج النفط في الدوحة بعد أن رفضت إيران الانضمام إلى هذا التجميد، ورفضت السعودية استثناءها منه، ومع خطوة أصغر أنما تأتي ضمن السياق نفسه وهي استدعاء السفير الأردني في طهران للتشاور احتجاجا على تدخلات إيرانية في الشؤون العربية.&

في الوقت نفسه، يزور الرئيس الأميركي باراك أوباما السعودية ويعقد قمته مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي اليوم، وسط معطيات تفيد بأنها لن تكون أفضل كثيرا من القمة المماثلة التي سبق أن استضافها الرئيس الأميركي في كامب ديفيد العام الماضي، عشية توقيع الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، وقاطعها الملك سلمان بن عبد العزيز، ذلك أن القمة الحالية سبقها حوار أوباما مع الصحافي جيفري غولدبرغ الذي كال فيه اتهامات لاذعة للسعودية ودول الخليج، وتظللها صعوبات مختلفة في العلاقات الأميركية - السعودية، كان آخر مظاهرها ما نقل عن محاولات لتمرير قانون في الكونغرس يسمح بتحميل المملكة مسؤولية في هجمات 11 سبتمبر، وتهديد سعودي مقابل بيع اصول سعودية في الولايات المتحدة قيمتها 750 مليار دولار بما فيها سندات خزانة، لحماية هذه الأصول من التجميد.

&إذاً يصعب فصل التطور اليمني، عن الصورة الإجمالية، التي تفيد بأن الأزمات المختلفة مؤجلة الحل بانتظار انجلاء غبار المعركة الانتخابية الأميركية، التي ما زالت غير واضحة حتى على مستوى الترشيحات الحزبية التي يظهر أنها لن تحسم إلا في معارك ضارية داخل المؤتمرات الحزبية، أقله على جانب الحزب الجمهوري.&

أمام أوباما نحو ثمانية أشهر يغادر بعدها السلطة. وما دامت العلاقات الأميركية - الخليجية شهدت صعوبات في عهده، رغم أنها تبقى علاقات تحالف، فربما ترى دول الخليج أن الحكمة تقتضي انتظار خلفه في البيت الأبيض، لا سيما وأن التغيير قد يكون كبيرا، وبالذات في موضوع السياسة الأميركية إزاء إيران. فالمرشحان الجمهوريان الأبرز تيد كروز ودونالد ترامب تعهدا بإلغاء الاتفاق النووي في حال وصول أي منهما إلى السلطة، بينما دعمته المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون مع إضافة أنه يجب لكي ينجح أن يكون جزءا من استراتيجية تحتوي قوة إيران، ليبقى الديموقراطي بيرني ساندرز، الأضعف بين الأربعة، وحيدا في دعمه الاتفاق بلا تحفظ.&

في كل الأحوال يبدو أن دول الخليج بدأت من جانبها أيضا في التخفف من تبعات التحالف مع الولايات المتحدة، إن بالاعتماد على قوتها الذاتية لا على القوة الأميركية في سياستها الدفاعية، أو في اتخاذ مواقف باتت تتعارض أكثر فأكثر مع واشنطن من الأزمات الإقليمية. ومن الأمثلة على ذلك، الاتفاق مع إيران نفسه، الذي عارضته دول الخليج، وسورية والعراق وغيرها.&

ورغم أن السلاح الخليجي يبقى في غالبيته أميركيا، فإنه أصبح في السنوات الأخيرة أكثر تنوعا ليشمل مزيدا من المعدات الفرنسية والأوروبية الأخرى، مع انفتاح خليجي لافت للنظر على روسيا قد تنجم عنه صفقات أسلحة لاحقا، رغم التعارض في السياسات إزاء عدد من الأزمات، لا سيما الأزمة السورية، وذلك مع سعي دول الخليج إلى تنويع مصادر الأسلحة لتعزيز قدراتها الدفاعية، في ظل تراجع استعداد واشنطن لضمان الأمن الإقليمي في هذه المنطقة، وامتناعها حتى عن بيع أنواع معينة من الأسلحة لدول الخليج، إما بضغط من إسرائيل التي تخشى أن تخسر تفوقها، وإما لأسباب أخرى لا يجري الإفصاح عنها، ولكن عددا من التقارير الإعلامية يربطها بتغير السياسة الأميركية في المنطقة.&

العلاقات الأميركية - الخليجية كانت من الثوابت الرئيسية التي رافقت تحولات كبيرة في هذه المنطقة على مدى عشرات السنين. وقد لا تكون ولاية رئاسية واحدة، أو ولايتين للرئيس نفسه، كافيتين للحكم على أن هذه العلاقة ستتغير بصورة نهائية أم لا، بصورة ودية متفق عليها، أم غير ودية... ولا بأس في الانتظار أشهر قليلة.

&