&سمير عطا الله&

عام 1973 هاجر يان كيزيلهان من تركيا إلى ألمانيا ليبدأ حياة جديدة كألماني. تبنّته عائلة ألمانية وساعدته على دراسة الطب، لكنه بعد سنوات قليلة اختار التحول إلى الطب النفسي. لم يكن يخطر له إطلاقًا أنه سوف يتولى، ذات يوم، معالجة نحو 1100 فتاة وامرأة من العراق.

عام 2014 دفعت «داعش» نحو 50 ألف إيزيدي إلى جبال سنجار وتركتهم يموتون جوعًا. غير أن الطائرات الأميركية ألقت إليهم المساعدات الغذائية، ثم أنقذتهم البيشمركة بعدما قُتل الألوف منهم وسُبيت 7 آلاف امرأة وفتاة لبيعهن في سوق الجنس، حسب أرقام الأمم المتحدة.

تخصص الدكتور يان في معالجة آثار «الصدمة القوية» أو الرهيبة. وفي التاسعة والأربعين من العمر، بلغ عدد مرضاه الآن عشرة آلاف من ضحايا الحروب في البوسنة والشيشان وتركيا ورواندا والعراق وأفغانستان. فبراير (شباط) 2015 سافر إلى العراق وزار مخيمات اللاجئين في منطقة دهوك، كل مخيم يضم 20 ألف نسمة. ومنذ ذلك الوقت بلغت رحلاته 14 زيارة، يقوم خلالها مع فريق خاص باستجواب مقدمات طلبات اللجوء، لكي يقرروا اختيارهن.

يروي الدكتور يان لـ«فاينانشيال تايمز» أن الأصغر سنًا بين اللواتي استمع إليهن كانت في الثامنة من العمر، وقد أُخذت مع أمها إلى الموصل، ثم إلى الرقّة، وبيعت ثماني مرات، وخلال 14 شهرًا اغتصبت مائة مرة. وفي أحد المخيمات أصغى إلى فتاة في السادسة عشرة: «كانت مثل جثة حية. أمضت أسبوعين في أيدي (داعش)، ثم تمكنت من الفرار. خلال تلك الفترة اغتصبوا شقيقتها. ولكي تتجنب المحنة، قررت أن تبشع نفسها. رمت على جسدها الزيت المغلي فأحرقت 80 في المائة من جسدها».

أمَّن لها الدكتور يان السفر من أربيل إلى ألمانيا، حيث أجريت لها حتى الآن 12 عملية تجميلية: «عندما سألتها ما هي أمنية حياتها اليوم، قالت أن تمشي في الشارع، وأن تجلس في مقهى لتناول الجيلاتي من دون أن يتطلع أحد إلى تشوهاتها».

يشعر الدكتور يان بذنب عميق. مشروع المعالجة الذي يتولاه محدود، والمصائب لا حدود لها: «تتصرف (داعش) وفقًا لخطة. يجمعون أولاً الرجال والنساء، فيبدأون بإعدام الرجال، ثم يفرزن النساء والفتيات إلى فئات، ويأخذون الأطفال للتجنيد الإجباري». ويقول الدكتور يان إنه وفقًا لما تروي مريضاته، فإن أكثر الداعشيين قسوة في المعاملة «هم الغربيون الذين تحولوا حديثًا إلى الإسلام، خصوصًا القادمين من بريطانيا وألمانيا وأستراليا. أما كيف تعرفت الأسيرات إليهم، فلأنهم يتحدثون العربية بصعوبة، ويتعاطون المخدرات والكحول».

&

&

&