فضيلة الجفال&

حل أوباما ضيفا على السعودية في زيارة، قد تكون الأخيرة في سنته الرئاسية الأخيرة من ولايته الثانية، يبحث خلالها مع الملك سلمان عددا من الملفات المتعلقة بمكافحة الإرهاب كما الشأنين السوري واليمني. وهو الوقت الذي تتزاحم فيه الصحف الأمريكية والعالمية أخبارا عن العلاقات السعودية الأمريكية، وكأنه تحشيد إعلامي ضخم. لا سيما تزامن الأمر مع التركيز الصحافي على خلفية مطالب باستصدار قانون أمريكي يلزم السعودية بدفع تعويضات مالية عن هجمات 11 أيلول (سبتمبر) وتقرير الكونجرس المؤلف من 28 صفحة الذي ينظر في تفجيرات 11/9 أيلول (سبتمبر) وإمكانية تورط السعودية بهذه الاعتداءات، رغم أنه لم تثبت بعد أي مسؤولية للمملكة عن هذه الاعتداءات، ورغم أن المملكة نفسها كانت هدفا لهجمات تنظيم القاعدة حتى بلغت استهداف الأمير محمد بن نايف بثلاث محاولات اغتيال. وعلى كل حال فنشر هذه الصفحات أفضل من إخفائها واستغلال غموضها الإعلامي في تهييج الرأي العام الأمريكي من قبل جماعات ضغط معادية للمملكة. ولا سيما أننا ليس لدينا ما نخفيه، وهذا على لسان الأميرين والسفيرين السابقين للمملكة في واشنطن، تركي الفيصل وبندر بن سلطان في وسائل الإعلام الأمريكية.

&وقد حذر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال زيارة إلى واشنطن أخيرا من أن إقرار القانون المشار إليه سيدفع بالرياض أن تبيع سندات خزانة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار فضلا عن أصول أخرى تملكها المملكة في الولايات المتحدة بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" أخيرا. في المقابل ظهر أوباما معلقا في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الأمريكية معارضته لاستصدار القانون، ومن بعده المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية جوش آرنست "أنا على ثقة بأن السعوديين يقدرون ـــ مثلنا تماما ـــ مصلحتنا المشتركة في الحفاظ على استقرار النظام المالي العالمي". كما أن "مبعث قلقنا من هذا القانون لا يتعلق بتداعياته على علاقاتنا مع دولة محددة بل لارتباطه بمبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي ألا وهو حصانة الدول إذ يمكن لدول أخرى أن تقر قوانين مماثلة، الأمر الذي قد يشكل خطرا كبيرا على الولايات المتحدة وعلى دافعي الضرائب لدينا، وعلى جنودنا وعلى دبلوماسيينا. على اعتبار أن ذلك يتيح للدول أن تحل خلافاتها عبر الطرق الدبلوماسية وليس عن طريق المحاكم، ولا سيما أن الأمر سيفتح بابا لا يغلق على أمريكا لمحاكمتها من قبل مواطني دول عدة في العالم.

&قمة الرياض الحالية هي متابعة للقمة التي عقدت في أيار (مايو) 2015 في كامب ديفيد. وعلى الرغم من أزمة الثقة، تبقى العلاقات السعودية الأمريكية علاقات حيوية وإن تغيرت السياسات، وذلك لمصالح الطرفين في الشرق الأوسط والتعاون في ملف الإرهاب والمجالات الأمنية والعسكرية والبحرية. وإن كان لا بد أن نضع في الحسبان أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات ونظام سياسي معقد، وهناك اتجاه عام للتحول وإعطاء منطقة آسيا والمحيط الهادي والهندي الأولوية في ذلك، على الشرق الأوسط!، وهي ما تسمى نظرية الاستدارة شرقا. وهذا التوجه سيظل مسألة حيوية أيضا أيا كان الرئيس الذي سيخلف أوباما، ما يعني أنه سيكون هناك نوع من إعادة التقييم للسياسة الأمريكية في المنطقة، ما قد يجعل العلاقة المقبلة بين السعودية وأمريكا أكثر نضجا. وهذا ما بدا واضحا حتى في أحاديث المرشحين الإعلامية وعلى رأسهم هيلاري كلينتون أيضا.