عبدالله صادق دحلان

التغيير سمة الكون، والتطوير طموح الشعوب، والتخطيط أمان للأجيال القادمة. الملايين من أبناء الوطن كانوا الأسبوع الماضي في انتظار وشوق حار لمعرفة الجديد في خطط التحول الوطني للتعرف على مستقبل وطنهم الاقتصادي ، والبعض وأنا منهم كنا ننظر ونتوقع في تحليلاتنا وذلك حسب المعطيات المتاحة وحسب بعض التسريبات وحسب قراءاتنا للوضع الاقتصادي العالمي والإقليمي والمحلي قبل الإعلان. وللحقيقة وقبل دقائق من الإعلان عن البرنامج كنت أتحدث على الهواء مع قناة العربية بمقابلة التوقع ما قبل الإعلان وقلت وما زلت أكرر أن الشعب السعودي يتطلع إلى مزيد من الرفاهية والمحافظة على المكتسبات الماضية والتطلع إلى الاستقرار الاقتصادي والنمو المستقبلي له. إن التطوير هو طموح كبير للشعب السعودي والأهم من ذلك هو أن ثقة الشعب السعودي في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كبيرة جدا وهي ثقة قديمة منذ أن كان أميرا للرياض، فإنجازاته في تطوير قرية في وسط الصحراء وتحويلها إلى عاصمة تنافس العواصم العالمية هي تمثل قناعة تامة بان أي تطوير يُعلن عنه سيتم إنجازه بإذن الله وذلك بسواعد الرجال المخلصين من حوله، وبعد الإعلان عن الرؤية المستقبلية للتحول الوطني والتي لم يكن لي الشرف ولا للعديد من الزملاء الاقتصاديين المشاركة في كتابتها أو إبداء الرأي عند التخطيط لها ، إلا أنني بعد مشاهدتي لمقابلة الأمير الشاب ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان ومتابعتي لكل كلمة وكل تصريح وتلميح له في المقابلة تأكد لي بعد المقابلة أننا أمام إحدى القيادات الشابة المتميزة وأنه شخصية غير عادية استطاع أن يصل بنا إلى قناعات لم تكن موجودة لدى البعض منا. لكنني أجزم بأن حماس الشباب وحكمة القادة وإصرار أصحاب الأهداف لتحقيق أهدافهم الوطنية هي من أهم صفاته. وفعلاً قد نجح في أول ظهور إعلامي مباشر أمام ملايين المشاهدين من أبناء وطنه والمقيمين فيه وخارجه كما نجح المحاور الجريء تركي الدخيل في طرح الأسئلة التي لا يجرؤ أي محاور على طرحها. لقد كان حواراً ناجحاً فيه محطات شفافية عالية جداً من وجهة نظري، كان من أهم هذه المحطات التأكيد على أن المواطن ورجل الأعمال والوزير والأمير سواسية في دفع فاتورة الخدمات وأنه سيبدأ بنفسه وهي بداية عادلة. والمحطة الثانية في الشفافية هي أن هناك مشاريع غير ناجحة وتحتاج إلى إعادة تقويم في المسار منها (المدن الاقتصادية) التي صُرفت عليها البلايين.

&

وكم كنت أتمنى ضمن سياسة الحزم الجديدة إعادة فتح ملفاتها للتعرف على مناطق الفساد فيها. أما المحطة الثالثة للشفافية فهي الاعتراف الصريح أن قرارات وزارة الكهرباء والمياه الأخيرة كانت غير موفقة ولا تمثل توجه القيادة تجاه شعبها. أما أهم محطة في الشفافية فهي التوجه نحو إعادة النظر في طريقة طرح مناقصات السلاح وتجهيزاته والتوجه إلى سياسة الإعلان عنها للمنافسة وذلك على مبدأ الشفافية وهو أمر كان سراً من الأسرار الهامة. أما محطة الفساد فقد كان الأمير الشاب صريحاً واضحاً بأن هيئة مكافحة الفساد لم تكن موفقة في أداء دورها ولم تحقق الأهداف.

إن الإعلان عن مشروع تقييم إنجاز الوزراء بصفة دورية يمثل تحولا عصريا في الإدارة السعودية كانت أمنية وتحققت اليوم، متمنياً أن يضاف لها تطوير طريقة اختيار القادة والمسؤولين. إن التوجه الرئيسي لاقتصاد المملكة في المرحلة القادمة هو الأساس في برنامج التحول الاقتصادي والذي يهدف إلى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على البترول كمصدر أوحد لدخل الدولة اعتباراً من عام 2020م هو عام يستطيع شعب المملكة العيش بدون دخل بترول كما صرح الأمير محمد بن سلمان ، أي أن الموارد الأخرى حسب الخطة سوف تغطي إيراد الدولة من البترول وهو تحد لو تحقق ستحصل القيادة السعودية على جائزة نوبل في إدارة اقتصاديات الدول. وإن شاء الله سيتحقق. إن من أهم الرؤى الجديدة لبرنامج التحول الاقتصادي هي الخصخصة التي ستساهم في رفع إنتاجية العديد من الخدمات شريطة ألا تؤثر على اقتصاديات الفرد والمجتمع سلباً بل إيجاباً.

إن تطوير الطاقة البديلة هو توجه عالمي للدول الصناعية الكبرى ودخول المملكة في هذا المجال سيجعلها من ضمن الدول الصناعية الكبرى لو اعتمدت على تصنيع مكونات الطاقة البديلة وليس استيرادها. كما أن من أهم توجهات التحول الاقتصادي التركيز على المقدسات الإسلامية وتفعيل الرؤية الاقتصادية لخدماتها عن طريق مضاعفة أعداد المعتمرين والزائرين للحرمين لتصل إلى حوالى 30 مليون وهي منافذ دخل ضخمة لإيراد الدولة ودخل المجتمع وفتح مزيد من الفرص للمسلمين لأداء شعائرهم. إن التأكيد على دور القطاع الخاص في المرحلة القادمة والتوجه الصادق لدعمه وتذليل العقبات من أمامه لتحقيق مزيد من المساهمة في إجمالي الناتج المحلي حيث يساهم حالياً بـ40% ويتوقع أن يرتفع إلى 65%. وأخيراً دون مشاركة المجتمع بكل فئاته لدعم هذا التوجه لن ينجح فهي مسؤوليتنا جميعاً ليست الدولة فقط.