&هاشم عبده هاشم

&بقدر ما أسعد المواطن البسيط.. وطمأن المستثمر أيضاً كلام الأمير محمد بن سلمان ونصوص الرؤية الجديدة للمملكة حتى عام 2030.. إلى أن الدولة لن تفرض رسوماً على المواطن.. أو ضريبة على الدخل أو الثروة أو السلع.. بقدر ما أسعد الجميع بأن "الشفافية" ركيزة أساسية في هذه الخطة وان المواطن وغير المواطن سوف يكون على علم بكل صغيرة وكبيرة لها علاقة بأوجه الإنفاق.. وأحجام التعاقدات.. سواء من قبل مركز إدارة المشروعات الضخم الأهداف.. أو من خلال الأدوات والرسائل الرقابية المتعددة بكل ما يترتب على ذلك من مساءلة.. ومحاسبة.. وعقاب..

•• والأمير عندما تحدث عن هذا الجانب.. فإنه قرنه بتحقيق مبادئ العدالة والمساواة بين الجميع بدءاً بنفسه كما قال لنا في أكثر من لقاء جمعه بوسائل الإعلام في الأسبوع الماضي..

•• بل إنه لم يكتف بذلك بل أوضح أن العديد من الوزارات والمصالح وفي مقدمتها وزارة المالية بدأت في إعادة هيكلة الميزانية وتطوير مستوى العمل بها بما يكفل تحقيق الشفافية المطلوبة وسرعة الإجراءات وان عنصر الرقابة اللصيقة والمباشرة بات هدفاً رئيسياً في المرحلة الجديدة التي نعيشها.. وذلك أمر عظيم.. ومهم للغاية.. وان كنا نتطلع بأن تقترن تلك الإجراءات والضوابط بالمحاسبة.. وعدم التسامح مع المقصر أو الفاسد..

•• لكن ما كنت أتمنى أن أطلع عليه.. سواء في إطار الإعلان عن الرؤية الجديدة.. أو بعد ذلك.. في إطار حزمة الإصلاحات الشاملة التي تنتظرها بلادنا.. هو زيادة صلاحيات مجلس الشورى.. وتغيير المادة (15) من نظام المجلس.. وجعل أبرز مهمة من مهامه هي الرقابة وإحالة كل ما يتصل بالتعاقدات.. وأوجه الإنفاق.. والاتفاقات إليه.. ورفع سقف صلاحياته.. لكي يتولى مهمته كسلطة تشريعية بمسؤولية.. ويتعامل معها تعاملاً مباشراً تحقيقاً للشفافية الكاملة.. وللنزاهة المطلوبة.. ومنعاً للإهدار بكل أشكاله.. وألوانه.. ومستوياته.. وأن يكون عرض ميزانية الدولة عليه قبل إقرارها.. مقابل تطوير العلاقة بين المجلس وبين مجلس الوزراء كسلطة تنفيذية.. بحيث يتحقق التعاون والتكامل والتنسيق المنشود بينهما.. ويحمل مجلس الشورى هماً كبيراً عن مجلس الوزراء.. وتتحقق جوانب مهمة من أهداف الرؤية العلمية الجديدة للدولة.. ويصبح لكل سلطة من السلطات الثلاث في الدولة دورها.. وتكون هناك جسور وآليات فاعلة من شأنها أن تحقق التكامل في أعلى درجاته.

•• كما كنت أتمنى وما زلت – في إطار تفعيل دور مجلس الشورى وتعزيز وظائفه وثقة المجتمع فيه – أن يقوم كل وزير جديد يعينه ولي الأمر.. بتقديم برنامج عمله للمجلس ويقدم نفسه للمواطن ولو بعد شهر من تعيينه.. وبعد تعرفه على أوضاع الوزارة وملامسته لحاجات المواطن.. وإدراكه لمتطلبات الوظيفة العامة التي كلفه بها ولي الأمر.. ولكي يكون مثوله أمام المجلس بمثابة قناة تواصل مع المواطنين وتكون لقاءاته القادمة مع أعضاء المجلس في إطار المتابعة.. والتفكير المشترك بين المسؤول وبين الأعضاء بهدف التجويد وتحسين مستوى الأداء ومعالجة الأخطاء بجهود مخلصة وبناءة.

•• ونفس الحال يمكن أن يتحقق عند إحالة الميزانية العامة للدولة إلى المجلس قبل إقرارها من مجلس الوزراء.. فإن الكثير من الفوائد والإيجابيات سوف تتحقق ليس فقط بممارسة المجلس وظيفته الرقابية المهمة.. وإنما بالوصول بالميزانية إلى مستويات أعلى من الدقة والموازنة بين الإيرادات والمصروفات والاقتراب أكثر من تلبية حاجات الوطن وأهله.. عبر المناقشات الواعية والمسؤولية بين أعضاء المجلس ووزير المالية والمسؤولين عن إعداد الميزانية في وزارته.. سواء من خلال اللجان المتخصصة أو من خلال الجلسة العامة للمجلس..

•• ولا أظن أن مرحلة هامة كالتي نمر بها الآن ستفوت مثل هذه الفرصة تجاوباً مع الرؤية الشاملة للعام 2030 التي وضعت أقدامنا على الطريق الصحيح باتجاه المستقبل الأجمل.

•• وإذا نحن تمكنا في هذا الوقت من تغيير المادة الخامسة عشرة من نظام المجلس.. ووسعنا دائرة صلاحياته أكثر.. فإننا لن نكون بحاجة إلى العديد من الأجهزة الرقابية القائمة وذات الأدوار المتشابهة والمتكررة.. وربما نكتفي بتوحيدها جميعاً في كيان رقابي واحد.. يمارس مهامه الميدانية ونترك مهمة الرقابة التقويمية ومساءلة المسؤولين واقتراح أوجه العلاج وإصلاح الأخطاء.. لمجلس الشورى.. وتصبح أمام ولي الأمر الأمور أكثر وضوحاً وتحديداً.. وبما يمكنه من محاسبة ومعاقبة من يرتكبون الأخطاء واتخاذ ما يراه محققاً للمصلحة العليا في النهاية..

•• عندها نكون قد عززنا وظيفة المجلس الرقابية من جهة ومنحنا كيان الرقابة الحكومية الوحيد القوة الكافية لوضع اليد على مواطن الفساد.. وساعدنا على قيام تعاون وثيق بين كيان الرقابة الحكومية الوحيد وبين مجلس الشورى من جهة.. وبينهما وبين رئاسة مجلس الوزراء من جهة ثانية.. وبالتالي.. فإن كل مظاهر الفساد المالي والإداري ستتوارى.. لا سيما إذا أسفرت المحاسبة ومعاقبة المفسد عن المزيد من الشفافية واطلاع الرأي العام على مجمل التفاصيل حتى يكون عبرة للآخرين.. ويصبح المال العام ومصالح الناس في مأمن.. وغير قابلة للتعدي عليها.. وتصل – في النهاية – إلى مستويات أعلى من الإدارة الحكومية النظيفة.. ويرتفع منسوب الثقة بين المواطن ومجلس الشورى عالياً.. ولا يصبح هناك من يجرؤ على امتهان الفساد والتكسب من الوظيفة العامة.. ونحفظ لخزينة الدولة أموالاً طائلة.. وتسير القاطرة بالسرعة الكافية والنزاهة القصوى.. بفعل الصلاحيات الكبيرة التي ستمنحها الدولة لمجلس الشورى ووضعتها في رقبة كل مسؤول أو عضو فيه.. ويصبح بذلك عين ولي الأمر الفاحصة.. ومناط ارتياح المواطن وطمأنينته.. وذلك ما تهدف إلى الوصول إليه قيادة هذه البلاد وفقها الله وأعانها.

•• ضمير مستتر:

•• (تتقدم الأوطان.. بتطور مستويات الأداء لمؤسسات الدول.. وزيادة حركة المجتمع باتجاه الأفضل باستمرار..).