&&يوسف البنخليل&

سبع سنوات فقط ساهمت في تغيير مجتمعات الخليج العربي دون رجعة، وهي السنوات التي شهدت دخول خدمة الإنترنت لأول مرة في هذه المجتمعات عندما بدأتها الكويت في العام 1992، واستمرت دول مجلس التعاون في إطلاق هذه الخدمة تباعاً حتى العام 1999.

دخول الإنترنت شكل صدمة حضارية لمجتمعات الخليج العربية التي لم تتوقع حجم تأثير الإنترنت على أفرادها ثقافياً على الأقل. ومع احتفال دول المجلس بمرور ربع قرن على دخول الشبكة العنكبوتية إليها العام المقبل، فإن صدمة السنوات السبع مازالت مستمرة، وهي أكثر تأثيراً من أي وقت مضى، خصوصاً مع دخول شبكات التواصل الاجتماعي إلى هذه المجتمعات ليتمحور معها مجتمع افتراضي متكامل آخذ في النمو دون توقف حتى باتت السيطرة عليه ضرباً من المستحيلات.

صدمة الإنترنت جاءت أمريكية المنشأ بعد تحرير الكويت، وبدء النظام العالمي الجديد الذي انفردت به واشنطن ومازالت. لذلك يمكن القول إن المرحلة الأهم في تاريخ عولمة الخليج هي هيمنة الثقافة الغربية ـ الأمريكية عليها مع دخول الإنترنت الذي تصل نسبة مستخدميه في دول مجلس التعاون إلى 56% من إجمالي عدد السكان. هذه الصدمة غيرت في ثقافات الأفراد خليجياً، وغيرت سلوكهم أيضاً، وأتاحت لهم هامشاً واسعاً غير محدود للتفاعل مع مختلف الثقافات في كل مكان.

قبل قرون كانت العولمة المحدودة في التأثر بثقافات شبه القارة الهندية في المفردات اللغوية، وفي المأكل والملبس. وجاءت لاحقاً الهيمنة الأوروبية في شكل الاستعمار، فكان التأثر محدوداً. مع ذلك تحولت الثقافة الخليجية إلى ثقافة هجينة مختلطة بين أصولها العربية الخليجية الإسلامية، وبين ثقافات جاءت إليها تاريخياً من شبه القارة الهندية، ثم من القارة الأوروبية. ومع صدمة الإنترنت تمر الثقافة الخليجية بمرحلة جديدة تتشكل سريعاً، ولكنها لم تصل إلى نهاية لتحديد أبرز ملامحها أو اتجاهاتها المستقبلية.

باختصار هناك خلفيات ثقافية هندية، وأخرى أوروبية، والآن جاء التأثر بالثقافات الغربية والأمريكية، وانفتح المجال للتأثير لثقافات من حول العالم، كيف يمكن أن تكون عليه ثقافتنا الخليجية؟ خصوصاً وأن الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي تسهم يومياً في تغيير أنماطنا الثقافية، واتجاهات التفكير والسلوك؟

الأجيال الحالية من الخليجيين خصوصاً ممن عاصروا مرحلة ما قبل الإنترنت سيعيشون في ثقافات مختلطة مدى حياتهم، أما من لم يعاصر تلك المرحلة فإنه أمام تحول ثقافي هائل تعيشه المنطقة ستؤثر في ثقافته التي تتشكل اليوم.