&مطلق بن سعود المطيري

تأسيس هيئتين للثقافة والترفيه حدث فيه من التحديات المجتمعية الشيء الكثير، فالشكل المطلوب إنتاجه لتحقيق بهجة الإنسان مازال من الناحية النظرية إشكالياً، فكيف يستريح المواطن ويفرح ويجد له ملاذاً آمناً يمارس من خلاله السعادة والابتهاج بدون أن يسبب ذلك بسلب الفرح من قلب مواطن آخر، ففي مجتمع يصرف جل أوقاته بأشياء أقل ما يمكن أن توصف به مضيعة للوقت للبحث عن التسلية وسعة الخاطر، سوف تكون المادة الترفيهية مطلباً أولياً تتراجع معها بعض الحاجات الضرورية، ولكي نصنع ترفيهاً منتجاً وغير مستفز لبعض شرائح المجتمع علينا الاتجاه نحو الاشياء المقبولة او شبه المقبولة للجميع وهذه متوفرة ولكنها غير مفعلة عملياً، منتجعات على الشواطئ ومجمعات ترفيهية في الأحياء، وأندية خاصة لمنسوبي كل وزارة.

إن بداية صناعة الترفيه يجب ألا تكون إشكالية أو ذات طبيعة استفزازية، كما انها ليست قضية منقسمة بين فصيلين، فالذين ينادون ببناء دور للسينما مع التأكيد على عملية هذا الاتجاه، إلا انه مصدر واضح لخلق التنافرات والانقسامات بين أفراد المجتمع، وأي مشروع لا يراعي اهتمامات الناس وقيمهم سوف يصطدم بالناس المؤيدين له قبل المعارضين، المؤيد سوف يحتج بأن المعارض لم يترك له مساحة للاستمتاع وضيق عليه في المكان وما عليه إلا المغادرة خارجياً لممارسة متعته، الترفيه راحة ويسبقها الأمان أو لا تكون إلا به، وسط هذا الارتباك النظري غير المريح والمستند على جوانب يحفها الحذر، تأتي أهمية الثقافة كمرشد صادق في صناعة الترفيه، فثقافة المجتمع هي من تضع لهذه الصناعة الوليدة المحددات القيمية التي تجعل من وجوده ضرورة مقبولة، فالثقافة وعاء واسع يحوي الترفيه وغيره من مكتسبات المجتمع المادية والقيمية، فان لم تحدد لنا الثقافة مسميات الترفيه المقبول سوف تكون - أي الثقافة - هي من تحدد لنا مسميات مقاومته!

قبل التفكير في صناعة الترفيه، مطلوب وبشكل عاجل إعلان السياسة الثقافية لهيئة الثقافة، والمقصود بالسياسة هنا الرؤية الثقافية وأدوات تنفيذها، مع وضع هدف محدد بزمن، نتجه في بناء الرؤية نحو تحقيقه، فمثلاً أن تكون سياستنا الثقافية لهذا العام أو العام القادم، محددة بهدف واحد فليكن القضاء على الفكر الإرهابي ومحاربته بأدوات وبرامج ثقافية، وألا يكون لهيئة الثقافة خلال عام تنفيذ السياسة الثقافية غير هذا الهدف، فإن نجحنا في تحقيق هذا الهدف سوف نتوصل إلى برامج متعددة تفيد غايات الترفيه وصناعته، فتحرك الثقافة نحو هدف محدد أمر يجعل تصميم معيار اجتماعي نقيس به مدى قبول المجتمع من رفضه للبرامج الترفيهية قضية ممكنة، وبهذا القياس الثقافي العملي سوف يتمتع الناس ولا ينشغلون بالحكم على البرامج الترفيهية أخلاقياً، فقد حددت الثقافة المعيار وما على المخطط للترفيه إلا الأخذ به في القياس والتنفيذ.