&أحمد عبد الملك

فيما أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد السعودي عن رؤية المملكة الجديدة 2020، والتي هدفت إلى إيجاد ميكانيزمات التطوير السريع في البلاد، وحفظ متانة اقتصادها وتنويع مصادر دخله، بغية تحقيق الرخاء للمجتمع السعودي.. في هذا الوقت تتضخم «شهوة» القتل لدى بعض المنحرفين، بهدف بث الرعب في النفوس الآمنة، وتخريب المنشآت العمومية التي تخدم المواطنين. فقد تمت مداهمة وكر لخلية إرهابية بين مكة المكرمة والطائف يوم 28/7/1437 هجرية، وقُتل اثنان من الإرهابيين الذين فتحوا النار على رجال الأمن، بينما أقدم اثنان آخران على الانتحار بواسطة حزام ناسف. كما تم إحباط محاولة إرهابية ضد مخفر بالطائف.

رئيس تحرير جريدة «الوطن» السعودية، الدكتور عثمان الصيني، كتب مقالاً مؤثراً يوم 8/5/2016 حول العمليات الإرهابية في تلك البقاع الآمنة، وكيف أنها عمليات تستهدف طمأنينة المكان. ودعا «الصيني» إلى «عدم الركون بكسل إلى الأمن والأمان اللذين توفرهما أجهزة الدولة»، مطالباً المؤسسات غير الأمنية بإيجاد مشروع وطني فعال، «يصل إلى المُستهدفين الحقيقيين بعيداً عن استرضاء هذا التيار أو ذاك».

والحقيقة أن الأعمال الإجرامية استفحلت في عدة بلدان عربية، ولم يعد المرء يدرك من أين سيخرج له صاحب الحزام الناسف أو حامل الرشاش! وإذا كان مَن يقوم بتلك الأعمال يدّعون أن لهم رسالة يريدون تحقيقها، فلماذا يهاجمون المساجد؟ ولماذا يهاجمون مقار الشرطة التي تحفظ الأمن للمواطنين؟

أعتقد أن بعض المغرر بهم لا يحتفظون بنبل الوطنية والانتماء، والذي يفترض أن يكونوا قد تشربوه أصلاً من الأسرة والمدرسة. إن المواطن الإيجابي لا يمكن أن يقتل مواطنه، أو يدمّر المؤسسات التي تخدمه أو يستهدف المساجد التي يُذكر فيها اسم الله. لقد تم «تفريغ» المنتمين إلى المنظمات الإرهابية من المضمون الديني المعتدل، ومن جوهر مبادئ الدين القويمة الداعية إلى الحوار بالتي هي أحسن، وإلى عدم قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق.. وذلك بسبب تأويلات وتفسيرات تلقوها من بعض الدعاة الذين يحملون أجندات قد يصعُب كشفها في حينه.

ولا يخفى أن دول مجلس التعاون من أكثر الدول أمناً ورخاءً، لذلك ليس غريباً أن يتم استهدافها كي تتحول إلى ما آلت إليه بلدان عربية أخرى (لا سمح الله). وتلك نظرة حاقدة لا يُقرها منطق سليم؛ فالمواطن الخليجي تعود على الأمن والأمان، وهو يترك باب منزله مفتوحاً دونما خوف أو حذر، لأن جميع أفراد المجتمع متحابون، يحفظون حقوق الجار ويؤمنون بأولوية الوطن على ما سواها. لكن الحذر بدأ يداهم بعض الناس بسبب ما تنقله وسائل الإعلام يومياً حول العمليات الإرهابية وتنوع وسائلها ومخططاتها.

إنها «شهوة القتل» لدى بعض الفئات الفاشلة، والتي لا تحب روح التفاؤل وأعمال الإعمار، ولا تريد أن ترى الشعوب آمنة مستقرة تنعم بخيرات الله.. لذلك لم تكتف بحرق العراق وسوريا واليمن.. وإنما وجّهت أنظارها مؤخراً إلى دول مجلس التعاون أيضاً. وهذا يتطلب يقظة المواطنين قبل رجال الأمن، ويقتضي تعاوناً تاماً مع الجهات الأمنية، والتبليغ عن أي أمر غير عادي. كما يتعين على أولياء الأمور مراقبة أبنائهم، والحذر عليهم من أصحاب السوء، فهؤلاء «يغسلون» عقول بعض الشباب، ويغرونهم بوعود كاذبة.

كما أن للإعلام دوراً مهماً في تحصين الشباب، عبر التحذير من الانخراط في مسالك مشبوهة، مهما كانت مغرياتها.

نحن بحاجة إلى يقظة مجتمعية لمواجهة هذا الوحش الكاسر الذي لا يفرّق بين هدف مدني وآخر!