&محمد عارف

«قناة نيكاراغوا» تمتد من مصب نهر «بريتو» على ساحل المحيط الهادئ إلى مصب نهر «بونتا غوردا» على ساحل الأطلسي. أعدّ خرائط القناة التي يبلغ طولها 278 كيلومتراً، مهندسون أميركيون قبل 118 عاماً، وبادرت «نيكاراغوا» إلى إنشائها عام 2014، وتضم القناة التي يتوقع إكمالها خلال 5 أعوام، ميناءين، ومطاراً دولياً، ومصانع إسمنت وحديد وصلب. وهي واحدة من 27 مشروعاً مماثلاً تنشئ «شبكة الجسر البري العالمي» عبر ممّرات وأنفاق ومضائق وقنوات تربط بين جميع القارات. وأطول وأعمق نفق للقطارات في العالم «سايكان» طوله 54 كلم، ويربط على عمق 100 متر تحت قاع البحر جزيرة «هونشو» اليابانية باليابسة. وسيتفوق عليه «نفق بوهاي» في الصين، الذي يبلغ طوله 100 كلم، ويتسع لسكة قطارات فائقة السرعة بين مدينتي «داليان» و«يانتاي» الصناعيتين، وعدد سكان كل منهما 7 ملايين، وسيكون النفق عند إكماله عام 2020 الأطول في العالم.

وأيُّ عالم جديد وجميل أنشأ «نفق البوسفور» في مضيق «اسطنبول» المخصص لسكك حديد تربط أوروبا وآسيا، وينقل حالياً 3 ملايين راكب يومياً، ويبلغ طوله 14 كلم، ويضم أعمق بنية أنابيب غاطسة في العالم. اقتُرح إنشاء النفق عام 1860، ولم يُبن إلاّ عام 2013، ويُوصفُ بأنه «طريق الحرير الحديدي» إشارة إلى «طريق الحرير» الذي كان يربط قبل ألف عام شرق آسيا بالعالم العربي وأوروبا.

وفي الطرف الآخر من العالم الإسلامي يُقام حالياً أطول جسر في العالم، ألا وهو «جسر مضيق مالاقة» الذي سيربط بين ماليزيا وإندونيسيا وطوله الكلي 71 كلم.

وأيُّ عالم شجاع يُخططُ له وقت احتدام المشاعر حول الهجرة المليونية عبر المتوسط. خريطة «رابط إيطاليا-تونس» تقيم أربع جزر صناعية تربط البر الإيطالي بجزيرة صقلية، وتمتد مسافة 155 كلم بين صقلية وتونس، عبر أطول جسر معلق في العالم، وخمسة أنفاق للمسافرين وشحن البضائع في الاتجاهين، وللخدمات والطوارئ. وفيما تُنفق واشنطن تريليونات الدولارات لتدمير الجسور المادية والروحية بين البلدان والأمم، شقّ المصريون قناة سويس ثانية عام 2014 تضم محوراً عملاقاً للخدمات اللوجستية على أعلى مستوى عالمي، يُقلص ساعات مرور السفن عبر القناة من 11 إلى 3 ساعات، وساهم الشعب المصري بتمويل بناء القناة الذي بلغ 8 مليارات دولار، ويُعتبر طفرة في تمويل مشاريع البنية التحتية باستخدام الائتمانات الوطنية وليس الأجنبية.

و«من طريق الحرير الجديد إلى الجسر البري العالمي»، عنوان الكتاب الذي تضمن 200 خريطة، وصدرت طبعته العربية في احتفال بمقر وزارة النقل المصرية بالقاهرة، وبرعاية الوزير سعد الجيوشي في مارس الماضي. وفي محاضرة بمقر «هيئة قناة السويس» تَحَدَثَ الباحث العراقي السويدي حسين العسكري، الذي ساهم في تأليف الكتاب وترجمته، عن فلسفة «ممرات التنمية» التي تُغني البلدان، فيما يترنحُ «اقتصاد الجيوبولوتيك» القائم على الاستعباد والاستبعاد.

ومع أن معظم مؤلفي الكتاب باحثون أميركيون، فهو بمثابة دليل نظام عالمي جديد تلعب فيه الصين وروسيا و«دول البريكس» دوراً قيادياً. ويعتمد الكتاب «الاقتصاد الفيزيائي» الذي طوّره العالم الأميركي «ليندون لاروش» وناهض به اقتصاد «كازينو القمار»، حيث بلغت «فقاعة المشتقات المالية» 2 «كوادريليون» دولار، أي ما يعادل العدد واحد وإلى يمينه 24 صفراً، قد تنفجر في أيّ لحظة وتودي بالاقتصاد المالي العالمي. و«لاروش» عالم وفيلسوف شجاع رشح نفسه أربع مرات لرئاسة الولايات المتحدة، وفيما حابى المرشح الحالي «دونالد ترامب» اللوبي الصهيوني «آيباك»، فضحه «لاروش» قبل ربع قرن في كتاب دخل السجن بسببه، وهناك وضع كتابه المترجم للعربية «هل تريد معرفة كل شيء عن علم الاقتصاد؟».