&أحمد عبد الملك

احتضنت مدينة دبي الأسبوع الماضي منتدى الإعلام العربي في نسخته الخامسة عشرة برعاية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. وقد حضر المنتدى أكثر من ألفي شخصية من المفكرين والإعلاميين والكُتاب العرب. وجاءت نسخة هذا العام تحت شعار «الإعلام.. أبعاد إنسانية»، وهي لفتة ذكية وصادقة من القائمين على المنتدى، لأن المخيال الإعلامي حافل بالأحداث الدموية والأخبار المفجعة والكوارث والانقلابات، التي تثقب الذاكرة الإنسانية. كما جاءت تفاصيل المنتدى هذا العام جديدة وغير مسبوقة. فقد شكل الممشى الإعلامي -الذي ضم أروقة إعلامية متعددة النشاطات والاتجاهات- حضوراً مهماً، ما سهّل على الإعلاميين حضور ما يرونه ملائماً لتوجهاتهم ونشاطاتهم، كما بدا المكان مريحاً وملائماً للناس وصديقاً البيئة.

وحظي موضوع التواصل الاجتماعي باهتمام كبير في المنتدى، فجيل الشباب الذي يتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي في تزايد، والحقبة الحالية تشير إلى قوة تأثير تلك الوسائل على قرار الفرد وذوقه، كما أن المعلومة لم تعد حكراً على منصات الإعلام الرسمية.

الجلسات الرئيسية للمنتدى لم تكن تقليدية، واتسمت بالقِصر والتركيز. ومن العناوين التي حفلت بها: إعلام يصنع الإنسانية، نشر السلام والمبادئ الإنسانية، الإنسانية في مواجهة الإرهاب، على خطى الإنسانية، ما نوع الأخبار التي نريدها في المستقبل؟ ملهَمون لخدمة الإنسانية. وقد قدمت هذا المحور أميرة الطويل بتلقائية وإتقان مع عرض فيلم لها عن روح الإسلام. كما قدم الشيخ ماجد الصباح، وهو أحد الناشطين على سناب شات، تجربته في التواصل.

ومن الأفكار التي طُرحت في المنتدى «مضمون الإعلام»، وهو موضوع مؤثر، وما زال محل نقاش بين مؤيدي الاتجاه التقليدي في الإعلام والمُجددين الذين يرون أن وسائل التواصل الجديدة تُشكل انطلاقة مؤثرة ويجب ألا يتم تقييدها بأُطر وقوالب «بالية».

وبطبيعة الحال، فإن إعلام وسائل التواصل الاجتماعي أكثرة جرأة من الإعلام التقليدي، لكنه محفوف بالمخاطر، إذ من السهولة بمكان ترويج أخبار لم تقع، أو تزوير أحداث بعينها وإشغال الرأي العام بها. القضية إذن هي أن تكون هناك موضوعية ومسؤولية في ذات الوقت عندما ينشر الفرد خبراً أو يصور موضوعاً، وإلا انقلب العالم إلى مرتع للفوضى، وتجاوز خصوصيات وحريات البشر عبر هذا التواصل.

وقد ذكر البعض أن سلبيات الإعلام الرقمي لن يحكمها قانون، لذلك يجب تثقيف أفراد المجتمع وتوعيتهم لنشر الأخبار الحقيقية، وكشف الأكاذيب والدسائس التي تعكّر صفو المجتمع وتضر أفراده، كما أشار آخرون إلى أن الإعلام الرقمي يتعرض لهجمات شرسة تزيد على 16 ألف هجمة إلكترونية في الثانية، هدفها غالباً تحويل فكر الأفراد بما يتماشى مع أهواء القائمين على تلك المنصات، وهي إشارة واضحة لمدى تأثير الإعلام الرقمي على الشباب، وأهمية تحصينهم ضد الدعاوى الهدامة والتنظيمات الإرهابية.

ولفتت نظر الكثيرين تلك الجلسات القصيرة التي عُقدت في الممشى الإعلامي وظهرت فيها بعض العناوين مثل: مختبر دبي للقراءة، المهاجرون السوريون.. شهادات مصورين يوثقون الحقيقة، 14 دقيقة في خدمة الإنسانية، نحو تغطية أكثر إنسانية، وغيرها من الموضوعات الجديدة.

ومن القضايا التي طُرحت أيضاً منافسة الفنانين للإعلاميين! ودخول الفنانين حقل تقديم البرامج، وألقى البعض باللائمة على هيئات الإعلام التي تعوّل على «شهرة» الفنان من أجل كسب الإعلان، حتى لو لم يكن الفنان مؤهلاً للتقديم التلفزيوني!

وتُوّج المنتدى بجائزة الصحافة العربية، التي أصبحت علامة بارزة في الإعلام العربي، وتم تكريم الفائزين في الفروع المختلفة للجائزة.

ملتقى سنوي جدير بالإشادة، كما أن حُسن التنظيم ودقة الإدارة سهّلا على الجميع الإقامة الرائعة في دبي الجميلة دوماً.