&الياس الديري

كنّا نتقلّب على نار همٍّ كبير مصدره الفراغ الرئاسي منذ سنتين والثالثة على الأبواب، فصرنا نتقلّب على نار همَّين كبيرين بعدما تكرَّم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون علينا بمشروع تجنيس وتوطين النازحين السوريّين.

وبعدما ارتفعت أصوات المحتجّين والمتخوّفين من أن يعود دين براون جديد إلى بيروت، مصحوباً بسبعين باخرة نقل وفوقها سبعون ألف دولار لكل عائلة تحزم حقائبها وتودِّع "قطعة السما"، نطق بعض المتزعِّمين ومحتلِّي الواجهة السياسيَّة، واحتجوا، ورفضوا، و... في اليوم التالي ساد السكون والسكوت كأن شيئاً لم يكن.

خصوصاً أن الانتخابات البلدية والاختياريَّة هيمنت على البلد والناس والمسؤولين، وأغرقت المهتميّن بحكاية التوطين في حكاية أقرب إلى القلب والواقع من الجهات الأربع، وأكثر جاذبيَّة.

وقال البعض لعلّها فاتحة خير. اليوم انتخابات بلديَّة واختياريّة، وغداً انتخابات رئاسيَّة أو نيابيَّة توصلنا بنتائجها إلى بيت القصيد، وحيث يصير في الإمكان فتح أبواب ونوافذ قصر بعبدا.

على رغم التصريحات التي أدلى بها الأمين العام عن مشروعه المشبوه، وتبرّؤه من أيّة مسؤوليّة، فقد ثبت بالعين المجرّدة أنه "فعلها". وبخط يده كتب التقرير الذي ورد التوطين في سطوره سبع مرّات، أو سبعين مرَّة سبع مرّات...

من البديهي أن يحذّرنا كبار المسؤولين الفرنسيّين من "مفاجعة" بان كي – مون. فأميركا هي أميركا في كل العهود والعصور. وأميركا باراك أوباما لا تختلف بشيء من هذه الناحية عن أميركا رونالد ريغان، أو أميركا جورج بوش الأب ثم الإبن.

ولن تختلف حتماً إذا أصبحت أميركا هيلاري كلينتون، أو أميركا دونالد ترامب. فكلُّهم خاضعون لـ"المرجعية" ذاتها التي تصدر الأوامر والقرارات المتصلة بالشرق الأوسط، ومن منطلق مراعاة مصالح اسرائيل وأمنها وطموحاتها التوسعيّة، وإلى آخره.

ورغبة في تأكيد جديّة وخطورة "مشروع بان"، وجَّه الرئيس تمَّام سلام الشكر لإنكار الأمين العام وجود أيّة نيّة "لمطالبة لبنان بأي توطين أو تجنيس"، وشدَّد على ضرورة "متابعة هذه القصة في خضم ما يتمُّ إقراره واعتماده بشأن اللاجئين".

فإذا كان من صدق في النيّات والأفعال الدوليَّة، فليتفضَّل الأمين العام للأمم المتحدة بكشف الغطاء عن خاطفي الاستحقاق الرئاسي، وعن ساكني البيت الأبيض الذين لا يخسرون كلمة في هذا الخصوص مع الحليفة الجديدة لباراك أوباما. أي إيران ما غيرها...

على افتراض أنَّ "الدولة العظمى" وحلفاءها لا يعنيهم أمر لبنان وما يتعرَّض له، فأين خطباء المنابر والساحات، وقادة الأحزاب والتيّارات والطيارات، أينهم يفتحون ملف الوطن المخطوف وخاطفيه؟