&أيمن الحماد

بث الرئيس أوباما رسالة عبر الفيديو ليقول إن "هيلاري صنعت التاريخ"، لقد استعار الرئيس الاميركي "مانشيت" صحيفة واشنطن بوست الذي صدر قبل ثمانية أعوام صبيحة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة كأول رئيس من الأفريقيين الأميركيين، ليصف فوز هيلاري كلينتون بالترشح لخوض الانتخابات كأول امرأة تصل للمرحلة النهائية للانتخابات.

والحقيقة أن الحدثين تاريخيان بكل ما تحمل الكلمة من معنى فالرئيس باراك أوباما هو أول رئيس من أصول أفريقية بعد 43 رئيساً كانوا من البِيض، وهذا الأمر، بالنظر إلى دولة كانت إلى فترة قريبة، تخصص مقاعد للملونين في حافلات النقل وغيرها من الممارسات العنصرية، يحمل دلالة ورمزية لايمكن التغاضي عنهما أو تجاهلهما.

والأمر ذاته حدث بالنسبة لهيلاري كلينتون وهي أحد الوجوه السياسية المعروفة والتي حظيت بترشيح الحزب الديمقراطي لها لخوض الانتخابات الرئاسية الاميركية وهذه هي المرة الأولى في الانتخابات، فلم يسبق أن سمى الحزبان الديمقراطي أو الجمهوري امرأة لخوض انتخابات الرئاسة الاميركية التي تكتسب أهمية عالمية بالنظر إلى أهمية البيت الأبيض ودوره في الأحداث الدولية. ويبدو أن هيلاري تريد تثبيت تاريخية ما قامت به، ففور إعلان فوزها بترشح الحزب صدرت ملصقات تحمل صورة كلينتون وتحتها كلمة "التاريخ" كناية عن وصف ترشيحها للانتخابات، كما أنها هي الأخرى وصفت نصرها بالتاريخي.

ترشيح امرأة لخوض الانتخابات الاميركية عن الحزب الديمقراطي، يفتح باب التساؤلات حول رغبة الديمقراطيين بالمحافظة على زخم حزبهم وعلو نجمه بعد مرحلة انتخاب الرئيس أوباما، والذي وإن كانت حقبته التي امتدت إلى ثمانية أعوام لم تشهد انغماساً أميركياً في حروب ما وراء البحار، أو تردياً اقتصادياً كما حدث في عهد بوش الابن، لكنها بلاشك أسست مفاهيم جديدة في الأدبيات الإعلامية والسياسية - على حد سواء – وغذّت مقالات ودراسات وكتباً يتحدث فيها المختصون من الأكاديميين والممارسين عن حالة الانكفاء أو التراجع الاميركي، وهذا ما يجعل الديمقراطيين اليوم خائفين من التاريخ؛ لذا يحاولون اليوم توظيفه لصالحهم، فأداء الرئيس أوباما في السياسة الخارجية باهت ولايتناسب مع دولة بفكر إمبراطوري، لذا رأينا هيلاري "الديمقراطية" تهاجم شعار منافسها الجمهوري دونالد ترامب والذي يغمز فيه من قناة هذا التراجع عندما يقول "اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً".