&يوسف القبلان

يريد الناس حياة آمنة وهذا احتياج أساسي في حياة الانسان، وحق من حقوقه.. ويريد في نفس الوقت عدم الازعاج بإجراءات أمنية، ويعتقد مثلا أن كاميرات المراقبة تعتدي على خصوصياته.

في زمن الارهاب ارتبط الشك برد الفعل. بعد فعل الارهاب تعلن حالة الطوارئ، ينتشر البوليس في الأماكن التي وقع فيها العمل الارهابي، ثم تأتي المفاجأة بعمل ارهابي جديد في موقع لا يخطر على البال.

في زمن الارهاب تلاحق شرطة العالم خطرا متحركا بلا هوية ولا دين ولا أخلاق. خطرا هو المطلوب الأهم عالميا في سجلات الأمن. نجح هذا المطارَد عالميا في نشر القلق والشك والكراهية بين الناس.

أصبح الارهاب بلا حدود. الادانات تتحدث لغة واحدة، التضامن ضد الارهاب شعار عالمي نحو عالم بلا ارهاب من أي نوع. العالم يطارد المنفذين، يحدد أماكنهم، ويقبض عليهم. أما الفكر المتطرف أو منبع الارهاب المتدفق بالكراهية فهو طليق، قريب وبعيد، سهل وصعب، معروف ومجهول، واضح وغامض، صديق وعدو.

كيف تكون الحياة بلا ارهاب مع استمرار منابعه بالتدفق، منابع تمارس التطرف والكراهية ورفض التعايش، منابع تحيل الحياة اليومية الى صراع وشتائم وتكفير وتصنيف للبشر. أين الطريق الى حياة بلا ارهاب؟

قبل زمن الارهاب كانت الثقة هي السائدة وحل محلها الشك. كان الانسان يتحدث مع الانسان حتى جاءت التقنية ليهرب بواسطتها الى عالم آخر كأنه وجد ضالته في تجنب التعامل مع الناس! كيف يشارك الفرد في جعل الحياة بلا ارهاب؟

هل يقاطع الانسان الأخبار، يصطاد الاجازة، يتخلص من كل وسائل الاتصال، يبحث عن انسان في أعماقه يتعايش مع الجميع، يحترم الجميع، يصادق الجميع، ويتحدث معهم في كل شيء الا أخبار السياسة. هروب من ساحة المعارك العبثية الى فضاء الحب والسلام والتسامح وحقوق الانسان دون تصنيف؟

ليت صاحب الفكر المتطرف يظفر بإجازة ينطلق فيها الى تجربة حياة ترفض التصنيف والاقصاء والكراهية، والاعتداء على حقوق الآخرين. يطلق ثقافة الموت الى ثقافة الحياة. يبني لا يهدم، يمارس عمليات الانقاذ من الموت بدلا من ممارسة الموت. ليته يحارب العنصرية بكل أشكالها، ويناضل من أجل ارساء السلام وليس لنشر الحروب والدمار. ليته يسعى لنشر العلم ومحاربة الفقر والأمراض، والمشاركة في الأعمال الانسانية. ليته يجرب حياة العطاء، واثراء الحياة بما يجعلها آمنة للجميع.

الطريق الى حياة بلا ارهاب هو حياة بلا فكر متطرف. هنا يكمن التحدي على مستوى الفرد والمجتمع. هذا الفكر المتطرف هو الذي بث القلق والتوتر في حياة المجتمعات وجعل الناس يبتعدون عن بعض ويصادقون الأجهزة، ويتعاملون بالشك ويتذمرون من الاجراءات الأمنية.

أيها الناس، راجعوا فكركم، واكشفوا عن المتطرفين فكريا حتى يتحقق الأمن وينتهي التذمر ويعود الانسان الى الانسان. وليبدأ كل انسان بنفسه قبل الآخرين.

الحلول الثقافية هي الطريق الى حياة بلا إرهاب.