غسان حجار&

سقطت كل اوراق التين، وصار الجميع عارياً، فليس من سر في المستنقع الطائفي، بل المذهبي، بل المصلحي الذي تغرق فيه البلاد. العماد ميشال عون لن يستسلم في طريقه للوصول الى كرسي بعبدا الراغب فيه منذ العام 1988، ولن يفتح كوة في هذا الجدار ما لم ينتخب رئيساً إلا مرغماً، وهو أمر معقد وصعب على حلفائه قبل خصومه، وتحديداً "حزب الله" الذي جعل مفتاح الرئاسة في جيب عون ما دام الحزب غير مستعجل على الرئاسة، ومرتاح الى ما هو عليه الوضع حالياً.

في المقابل، يقول عون وانصاره ان طريق السرايا ستظل عصية على الرئيس سعد الحريري ان لم يكن رئيس اول حكومة في عهد الرئيس عون. وبات الحريري يدرك صحة هذه المقولة، اذ ان استخدامه القوة الاقليمية لمنع وصول عون "الاقوى مسيحياً" لن يتيح لمن هو "الاقوى سنياً" ان يتولى السلطة التنفيذية. والواقع ان الحريري ما كان ليمانع وقد فاوض عون بداية على هذا الموضوع لكنه اصطدم بحاجز اقليمي غير واضح المعالم حتى الآن.

اليوم يكثر الحديث عن "دوحة لبنانية" وهي بالتأكيد تختلف عن "الطائف" اللبناني الذي تم بموجبه تغيير مواد في الدستور واعتبر مؤتمراً تأسيسياً للجمهورية الثالثة او الرابعة، لا فرق. اما اتفاق الدوحة فكان صفقة في سلة تم بموجبها الاتفاق على الرئيس الجديد للجمهورية وعلى شكل الحكومة ودورها وعلى قانون أُجريت بموجبه الانتخابات النيابية الاخيرة في العام 2009.

ونجدنا في الظروف نفسها. كل شيء معطل. شغور في الرئاسة، وعجز حكومي، ومجلس نيابي ممدد لنفسه، لكن الفارق بين الامس واليوم هو اننا لم نعد مركز ثقل، بل الاحرى ان الدول العربية متلهية بأمور كثيرة، وحروب اكثر، ما يدفعها الى وضع الملف اللبناني على الرف. وبصريح العبارة لم يعد احد يهتم بنا الا لناحية الامن والاستقرار الذي يبقي نحو مليوني لاجىء عندنا فلا نصدرهم الى الخارج. حتى اللبنانيين الذين يعملون في دول الخليج بات وضعهم اقل حظوة مما كانوا عليه بالامس القريب نتيجة الاستياء العربي من المواقف السياسية اللبنانية.

لذا كانت الدعوة الى "دوحة لبنانية"، اي الى صفقة ما يفترض الرئيس نبيه بري ان اطراف الداخل قادرون على اتمامها واستجلاب الرضى الخارجي عليها وعليهم. وتقضي بالاتفاق على الرئاسة والحكومة وقانون الانتخاب، وقد وضع لهم في المصيدة ملف النفط الذي يسيل له اللعاب كونه باب رزق جديد لكثيرين من اهل السلطة على ضفتي 8 و14 اذار او ما تبقّى من الطرفين.

والحل يقضي بالاتفاق على حصة المسيحيين والسنّة من السلطة - الجبنة، ما دام الشيعة غير منتقصي السيادة على مواقعهم. وهذا يعني المضي بخيار الثنائي عون - الحريري، او اسقاط هذا الخيار نهائيا للبحث عن حل جدي جديد.