&لبنان: بعد التفجيرات دعوات لترحيل النازحين السوريين وضبط انتشارهم العشوائي… وعودة مظاهر التسلّح بين مسيحيي القاع… وإلغاء الإحياء المركزي لليلة القدر في الضاحية

&

سعد الياس&

حضر الحدث الامني في بلدة القاع على طاولة الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء امس التي كانت مخصصة للوضع المالي. ووقف الوزراء دقيقة صمت حداداً على أرواح الضحايا واطّلعوا من رئيس الوزراء تمّام سلام على آخر المستجدات والتدابير الواجب اتخاذها على صعيد الامن، إما من خلال مجلس الامن المركزي أو من خلال الاتصالات بين القادة الأمنيين.

واعتبر الرئيس تمام سلام «أن هذه العملية الامنية ليست مفاجئة لأن الجيش والقوى الامنية كانت تتحسب لهكذا تطور، ولكن الجديد بالتفجير هو الشكل من خلال طريقة الفعل الإجرامي وعدد الإرهابيين وربما يكون ذلك مؤشراً إلى مرحلة جديدة ومختلفة في مواجهة الإرهاب».

ودعا «الى الابتعاد عن مظاهر الامن الذاتي والتعامل مع تفجيرات القاع ببعد وطني وليس مذهبياً»، مشدداً على أن «البلد بحاجة إلى استنفار وطني وليس استنفاراً مذهبياً او فئوياً».

وتزامناً مع الجلسة، عقد اجتماع امني في مقر قيادة الجيش في اليرزة حضره وزير الدفاع سمير مقبل ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم وامين سر مجلس الامن المركزي العميد الياس خوري ومدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد كميل ضاهر.

وخصص الاجتماع للتشاور في مستجدات الوضع الامني في البلاد وخصوصاً بعد احداث بلدة القاع.ثم توجّه وزيرا الدفاع والداخلية إلى القاع لتفقد المنطقة في حين دخل الجيش إلى منطقة مشاريع القاع حيث تجمّع كبير للنازحين السوريين وأجرى عملية تفتيش عن اسلحة ومطلوبين وأوقف حوالى 100 شخص لا يحملون أوراقاً ثبوتية ويقيمون بطريقة غير شرعية. وأعلنت قيادة الجيش في بيان أن «وحدات الجيش المنتشرة في منطقة عكار نفّذت عملية دهم في مخيم النازحين السوريين في محلّة الريحانية في ببنين، وأوقفت خلالها 124 سورياً لوجودهم داخل الأراضي اللبنانية بصورة غير شرعية، وضبطت بحوزتهم 44 دراجة نارية من دون أوراق قانونية».

واللافت بعد الموجتين المتتاليتين من الانتحاريين هو ظاهرة حمل مسيحيي البلدة شباناً ونساء السلاح في القاع إلى جانب الجيش اللبناني، وشوهد مناصرون للقوات اللبنانية يحملون أسلحة رشاشة ويحيطون بعضو كتلة القوات النائب أنطوان زهرا الذي بدوره كان يحمل رشاشاً صغيراً ، وكتبت المستشارة الاعلامية لرئيس حزب القوات سمير جعجع الآنسة انطوانيت جعجع على صفحتها على الفيسبوك «نحن في ايام السلم نواب وفي ايام الخطر قوات«.

كذلك توجّه إلى القاع القائد السابق لفوج المغاوير في الجيش العميد المتقاعد شامل روكز ليكون إلى جانب الأهالي معتبراً أن القاع هي خط امامي في المواجهة مع الإرهاب، فيما نشر حزب الله حواجز على طريق عام بعلبك وعمد إلى التدقيق في السيارات. وفي وقت لاحق، طلب الجيش «من أهالي بلدة القاع عدم حمل السلاح غير المرخص بشكل فوضوي وغير منظم ومنع الظهور المسلح في الشوارع»، كذلك طلب رئيس بلدية القاع بشير مطر من الاهالي «عدم الاستعراض بالسلاح في ساحة البلدة بل حمل السلاح داخل منازلهم واطلاق النار على أي مشتبه به لا يمتثل للتعليمات». وقال «العمليات الانتحارية واردة في كل لحظة وننسّق مع مخابرات الجيش وملتزمون بالدولة».

ونظراً للوضع الامني السيئ وبطلب من الجيش اللبناني، تم ارجاء التشييع لشهداء القاع الذي كان مقرراً عند الخامسة من عصر امس إلى موعد يحدد لاحقاً، كما ألغى حزب الله الإحياء المركزي في ليلة القدر في مجمّع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت تحسباً لأي استهداف.

ورجّح محللون وسياسيون أن يكون ما جرى في القاع محاولة لتكرار تجربة مخيم نهر البارد أو بلدة عرسال من خلال استهداف الجيش في القاع والتحصّن في البلدة ، وربط هؤلاء بين هذه التفجيرات وما جرى أخيراً على الحدود الجنوبية بين الأردن وسوريا تعبيراً عن التضييق الذي يتعرض له تنظيم «الدولة « و«جبهة النصرة» ما يؤدي بهما إلى فتح ثغرات لتخفيف الضغوط عليهما وتحويل الأنظار إلى بيروت، باستهداف كل لبنان.

وأطلقت مواقف شددت على الحاجة الماسة للانتقال بالبلد إلى خلف المتراس الوطني الصلب، ويحصّن المناعة الداخلية في مواجهة رياح الإرهاب التي تهبّ عليه. وشدّد إعلام 8 آذار القريب من حزب الله على أنه «مثلما تمثّل حلب اليوم مفتاح المعركة في وجه أسياد من أرسل الانتحاريين، فإن معركة تحرير جرود القاع وبقية السلسلة الشرقية باتت أولوية. وبعد جرائم أمس، ربما وجب القول، ولو من باب التمني، إن القاع قبل حلب».

لكن أكثر ما لفت في التطورات هو إطلاق مواقف ضد النازحين السوريين، حيث دعا عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب أمل أبو زيد « الحكومة بكل تلاوينها السياسية إلى تحمّل مسؤولياتها كاملة ووضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار وعدم التوقف عند اعتبارات من هنا أو فيتوات من هناك، بل إعادة النظر في سياستها في التعاطي مع الاخطار المتأتية من تجمعات النازحين السوريين وخصوصاً في مشاريع القاع والعمل ليس فقط على حظر تجوّلهم بل إتخاذ الاجراءات العاجلة لاعادة هؤلاء إلى ديارهم قبل تحوّلهم يوماً بعد آخر إلى قنابل موقوتة شهدنا ونشهد فصولها في القاع وغير القاع وقد تؤدي إلى تفجير لبنان».

وأكد « أن الحكومة التي صمّت الآذان في السابق عن دعوات ممثلي التيار الوطني الحر إلى ضبط الحدود ومراقبتها واقفالها مطالبة اليوم من دون تردد بتوفير الغطاء السياسي للجيش اللبناني لضرب البؤر الامنية التي تشكّل مصدراً للارهاب وفرض الامن والاستقرار في الربوع اللبنانية وعدم تكرار تجربة عرسال لأننا لن نسمح بأن تتحوّل القاع إلى دامور ثانية ولن نسمح لمن يتلطّون خلف ستارة النازحين بأن يحوّلونا إلى مهجرين أو إلى نازحين في أرضنا».

وأوضح وزير العمل سجعان قزي قبيل جلسة مجلس الوزراء «أن الوقت ليس للتحليل السياسي بل لاتخاذ التدابير الامنية على طول الحدود اللبنانية». واضاف «الوقت ليس للبحث بتنظيم إقامة النازحين السوريين في المخيمات بل بإعادتهم إلى ارضهم وضبط انتشارهم العشوائي».

من جهته، علّق رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط على التطورات الاخيرة في بلدة القاع، لافتاً إلى ان «ما يجري في المنطقة اكبر بكثير من الساسة او القادة في لبنان وقد يستغرق سنوات».

ورأى في تغريدات متعددة عبر حسابه الخاص على تويتر أنه «آن الأوان للخروج من النقاش السياسي الحالي ومن تبادل الاتهامات لانه لن يقدم او يؤخر» وأضاف:» لتكن المهمة بتحصين الجيش والاجهزة الامنية ووضع سياسة تقشف. وقد تجاوزنا الخطوط الحمراء».

وحثّ الرئيس السابق ميشال سليمان «على استدعاء الفئات المناسبة من الاحتياط لدعم قدرات الجيش وقوى الامن الداخلي في البلدات الحدودية وفي الداخل». وأشار رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان إلى انه «على الحكومة أن تأخذ إجراءات استثنائية لدعم وصمود أهل القاع الأبطال الذين حملوا عن لبنان لتعزيز بقائهم بتعطيل أي خطوة يكون القصد منها تهجيرهم». أما الوزير ميشال فرعون فقال تزامناً مع انعقاد مجلس الوزراء «كلنا قاعيون».