& نبيل بومنصف&

على رغم امتلاك لبنان " ثروة قومية " من المحللين الاستراتيجيين الجاهزين غب الطلب لاحتلال الشاشات عند كل تطور دموي يضرب لبنان استعصى على هؤلاء ومعهم سائر المسؤولين والسياسيين حتى الساعة تقديم قراءة علمية مقترنة بمنطق وادلة وقرائن الى اللبنانيين عما يدبر للبنان من خلال اشرس حرب ارهابية شنت على القاع . يقودنا ما جرى في السابع والعشرين من حزيران 2016 في القاع الى نقطة تبدو غالبا وفي الظاهر هامشية ولكن الهجمات الانغماسية على القاع وقبلها على الضاحية الجنوبية ومثلهما على باريس وسواها في الأنحاء الغربية والعربية تثبت ان معظم العالم يقف ضائعا امام انماط داعش ومشتقاتها منذ نشأة هذا التنظيم الجهنمي . تكفي عودة سريعة خاطفة الى ارشيف وقائع الهجمات الارهابية في السنتين الاخيرتين لتبين عقم بل عدم صلاحية معظم المقاييس والمعايير الاستخباراتية التقليدية في تعقب الخط البياني لداعش واخواتها وسلالاتها المتناسلة غربا وشرقا . تخال العالم يتماثل بلبنان حين ترى التبريرات اللاحقة للهجمات هنا وهناك تؤكد توقعات الاستخبارات الاستباقية ومع ذلك تقع الواقعة ولا مرد لها . بالامس ، ومع كل الاهوال الصادمة التي تملكت اللبنانيين لرؤية القاع تتعرض لاجتياح انغماسي على موجات متعاقبة كأنها القضاء والقدر الذي قرره حاكم الرقة والموصل بحق البوابة المسيحية للبقاع الشمالي وعبره لبنان بأسره ، ترانا امام هول اكبر هو افتقاد أي بوصلة واقعية متجردة ترشد اللبنانيين الى ما يخطط لهم ولبلدهم .

تنذر هذه الحرب الخارجة عن كل الاطر المتصورة والمتخيلة بشتى انواع التداعيات غير المسبوقة ان في مسار المواجهة مع الارهاب وان على مستوى اشد خطورة يتصل بالواقع الداخلي . لا حاجة بنا الى ابراز معنى ايقاظ المخاوف اللبنانية الى سقوف الذعر والغضب المتفجر الكاسح الماسح حيال مخيمات اللاجئين السوريين المنتشرة بعشوائية هائلة في البقاع وسائر المناطق . ولا حاجة بنا الى ابراز معنى ان يرتد ابناء القاع والبقاع الشمالي من كل الطوائف الى حمل السلاح الاضطراري للدفاع عن الوجود بما ينطوي عليه من ردة مخيفة ولو قسرية الى الحمايات الذاتية . ولكن ترانا في حاجة اكبر الى ابراز خطورة ان نفتقد ادارة سياسية مقتدرة في الحدود القصوى لا الدنيا لمواجهة هذا الاستهداف الاخطر منذ هجمة عرسال وانفجار تداعيات الحرب السورية على الحدود كما في الداخل اللبناني تباعا بما فيه الصراع التصاعدي حول تورط " حزب الله " في الحرب السورية . يتفرج العالم على القاع ولبنان كما تفرج عاجزا او متواطئا في أمكنة اخرى . ولكن ليس في كل مكان يقيم اكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري . فماذا تراه يفعل ان نجح الانغماسيون في تحويل ضحايا اللجوء السوري وضحايا الرعب اللبناني مشروع حرب أهلية عنصرية لا تبقي ولا تذر ؟