عبدالله إبراهيم الكعيد

وأعني بالمدخلات تلك الأقوال والشعارات التي ترد في سياق خُطب الساسة ورؤساء الأحزاب والنقابات ورجال الدين وقادة المظاهرات وغيرهم. يسمع الغوغاء تلك الأقوال فيرفعونها لمستوى اليقينيات فيتم تبنيها من قبل الجماهير أو حتى الأفراد على انها برامج عمل واجبة التنفيذ.

يتم التنفيذ الفوري في حالة هيجان الجماهير حيث لا وقت حينها للتفكير وتدبّر المآلات. تنطلق أحيانا مجرد (كلمة) ليس بالضرورة معرفة قائلها لتندفع الجماهير الغاضبة دون وعي الى الإذعان لمدلولاتها. فلو سَمِعتْ الحشود مفردة مثل (الموت لهم) لانطلق الرصاص ولمعت السكاكين وسالت الدماء.

ولمزيد من إثارة الجماهير المحتشدة يتم رفع صورة تدل على سبب الغضب أو التظاهر ومثال ذلك رفع صور ضحيتي عنف الشرطة في المظاهرات التي تشهدها هذه الأيام مدينة دالاس وبعض المدن الأخرى في الولايات المتحدة الأميركية احتجاجا على مقتل رجلين (أسودين) برصاص الشرطة في واقعتين منفصلتين. طالب المتظاهرون فيها بتحقيق العدالة ونددوا بعنف الشرطة وعنصريتها تجاه المواطنين الأميركان (السود).

استغل الجندي الأميركي (الأسود) ميخا كزافييه جونسون هذه الحادثة والجو المشحون بالغضب ليحقق رغبته في قتل ضباط أميركان (بيض) بسبب الثأر من معاملة عنصرية تعرّض لها إبّان خدمته العسكرية في الجيش الأميركي.

تحصّن الجندي ميخا في بناية قرب مكان التظاهر وبدأ في إطلاق النار على رجال الشرطة فأردى خمسة منهم وجرح تسعة آخرين. هذه الحادثة بدورها صبّت الزيت على نار كل الأطراف فازدادت أعمال العنف مما دعا الرئيس أوباما لقطع زيارته لأوربا والعودة سريعاً لبلاده في محاولة لاحتواء الوضع المتفجّر.

السؤال: هل الجماهير قادرة على إحداث تغييرات كبرى وتحقيق مطالبها بالمظاهرات العنيفة والدموية أم بالمظاهرات السلمية أم بأساليب التعقّل والمحاجّة العقلانية؟

أترك الإجابة للقارئ الكريم حين يستعيد من مخازن ذاكرته مشاهد المظاهرات الكبرى التي حدثت في أزمان وأماكن مختلفة على هذه البسيطة ومطالبات الجماهير حينها ثم التفتيش عمّا تحقق منها!!

بقي أن أقول للنجم الجماهيري (سياسي، ديني، نقابي، إعلامي، رياضي وخصوصا نجوم كرة قدم) رب كلمة غاضبة تُثير فيها سخط الجماهير على أمرٍ ما تكون نتائجها كارثية فمن سيحمل وزر إزهاق الأرواح التي حرّم الله قتلها الا بالحق؟

&