محمود معروف&

&بدأت محكمة مغربية عليا النظر في قضية معتقلين صحراويين مؤيدين لجبهة البوليساريو، أدينوا في وقت سابق في محكمة عسكرية، في وقت يعرف فيه ملف النزاع الصحراوي تطورات سريعة بعد طلب المغرب الالتحاق بالاتحاد الافريقي وبدء مجلس الأمن الدولي مناقشة عودة المكون المدني بعثة الأمم المتحدة لعملها بالصحراء الغربية.


وقالت مصادر صحافية مغربية أن هيئة المحكمة بمحكمة النقض في الرباط بدأت يوم امس الأربعاء مناقشة قضية معتقلي «اڭديم إزيك» بعد مرور حوالي ثلاث سنوات من إصدار أحكام ضد 25 معتقلا، تراوحت ما بين المؤبد و20 سنة وبما قضى إثنين من هؤلاء المعتقلين من السجن من قبل المحكمة العسكرية.
وتقدمت هيئة الدفاع عن المعتقلين المؤيدين لجبة البوليساريو في الآجال المحددة بالطعن في الأحكام الصادرة ضد هؤلاء المعتقلين عبر مذكرات ”ترافعية”.
وتعود قضية معتقلي «اكديم ازيك» إلى خريف 2010 حيث عرفت ضواحي مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء الغربية، مواجهات دموية بين رجال الأمن وصحراويين أقاموا مخيما بواحة اكديم ازيك للاحتجاج على أوضاع اجتماعية. إلا أن تفاعلات عرفها الاحتجاج واتساع حجم المخيم وفشل المحاولات لفكه سلميا، أدى إلى تدخل قوات الأمن مما أسفر عن فقدانها 11 رجل أمن وجرحى بالاضافة إلى 3 محتجين. وبينت أشرطة فيديو حرص قوات الأمن المغربية على عدم إصابة أي من المحتجين وكذلك الوحشية التي قتل فيها محتجون رجال الأمن.
وحملت السلطات ناشطي جبهة البوليساريو بالصحراء مسؤولية العنف الذي وقع وقدمتهم للمحكمة العسكرية.
وطالبت منظمة العفو الدولية «أمنستي أنترناشيونال»، في شهر اذار/ مارس الماضي، الحكومة المغربية بـ»إعادة محاكمة وإطلاق سراح المدانين في أحداث تفكيك مخيم كديم إزيك بمدينة العيون»، الذين أصدرت المحكمة العسكرية بالرباط، في 17 شباط/ فبراير 2013، في حقهم أحكاما بالسجن بين المؤبد و20 سنة حبسا نافذة، بتهمة «تكوين عصابات إجرامية، وممارسة العنف في حق أفراد من القوات العمومية المفضي إلى الموت مع نية إحداثه والمشاركة فيه».
وأضافت المنظمة الحقوقية الدولية أن «المحاكمة الصادرة في حق 13 متهما صحراويا لم تكن عادلة، لاسيما أن المغرب أجرى تعديلات بخصوص قانون العدل العسكري، إذ قام بحصر اختصاصات المحكمة العسكرية بالجرائم ذات الطابع العسكري، إلا أن هذه التغييرات لم تشمل المدانين في أحداث كديم إزيك»، في إشارة إلى الحد من طابعها الاستثنائي، حيث إنها قطعت مع محاكمة المواطنين من المدنيين.
واعتبرت أوساط حقوقية بدء محكمة النقض بمناقشة هذا الملف إشارة إيجابية عن انفراج، يحرص المغرب عليه لتبديد اتهامات بانتهاكات لحقوق الإنسان وعدم عدالة قضائه، حيث تسعى جبهة البوليساريو التي تعمل على انفصال الصحراء الغربية عن المغرب وإقامة دولة مستقلة عليها، إلى ربط ملف حقوق الإنسان في المنطقة مع التطورات السياسية، وسعت خلال السنوات الماضية إلى توسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسيو) لتشمل مراقبة حقوق الإنسان والتقرير بها لمجلس، وهو ما يرفضه المغرب ولم يوافق عليه المجلس.
وشكل المكون المدني لبعثة المينورسيو نقطة خلاف بين المغرب والأمم المتحدة بعد طرد المغرب في اذار/ مارس الماضي 84 موظفا (من حوالي 500 موظف) احتجاجا على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وصف فيها استعادة المغرب للصحراء بـ «الاحتلال».
وقال رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الثلاثاء إن بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصحراء ما زالت لا تعمل بشكل كامل عقب مرور أشهر على قيام المغرب بطرد عشرات الموظفين المدنيين في البعثة التي مدد مدد مجلس الأمن في نيسان/ ابريل الماضي ولايتها لمدة سنة وطالب بعودتها إلى العمل بشكل كامل بسرعة.
وبدأ المجلس اجتماعات الثلاثاء للاطلاع على التطور الذي عرفته هذه المسألة بعد محادثات بين المغرب وممثلين للأمين العام خلال الشهور الماضية حيث قدم إيرفيه لادسو رئيس عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن تقريرا على الوضع.
وقال السفير الياباني لدى الأمم المتحدة «كورو بيسو» ورئيس مجلس الأمن في شهر تموز/ يوليو الجاري «هناك اتفاق بين الأمانة العامة للأمم المتحدة وبين أعضاء المجلس على أننا لم نصل بعد إلى ذلك الهدف الخاص بالعمل بشكل كامل.» وقال بيسو إن أعضاء مجلس الأمن عبروا عن «تفاؤل قوي» بإمكانية عودة «بعثة الأمم المتحدة في الصحراء في أسرع وقت ممكن.
وفي وقت سابق قال فرحان حق المتحدث باسم الأمم المتحدة أن هناك اتفاقا على عودة تدريجية للعاملين وإن الاتفاق على عودة 25 موظفا هي المرحلة الأولى.
وقال بيسو إن كثيرا من أعضاء المجلس «أشاروا كذلك إلى أهمية استئناف المفاوضات المباشرة للتوصل إلى حل سياسي يمنح ساكنة الصحراء حق تقرير المصير.»
واكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن أعضاء مجلس الأمن رحبوا بحزمة الإجراءات التي اتفق عليها المغرب والأمانة العامة للأمم المتحدة حول موضوع المينورسو، في إطار ولايتها.


وقال عقب الاجتماع التشاوري لمجلس الأمن إن «أعضاء المجلس رحبوا بحزمة الإجراءات التي اتفق عليها المغرب والأمانة العامة للأمم المتحدة حول موضوع المينورسو، في إطار ولايتها، كما تم التأكيد على ذلك في القرارات المتعاقبة، كما أعربوا عن ارتياحهم التام لإنهاء الأزمة، التي تعود لاذار/ مارس الماضي».
وأبرز الدبلوماسي المغربي أن مساعد الأمين العام لعمليات حفظ السلام، هيرفي لادسو، والممثلة الخاصة ورئيسة بعثة المينورسو، كيم بولدوغ، قدما إحاطة لمجلس الأمن بشأن المينورسو، وان أعضاء المجلس، خلال هذا الاجتماع، «أشادوا بالمغرب للجهود التي بذلها من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق».
وأضاف السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة أن الأعضاء «نوهوا أيضا بالالتزام الراسخ للمغرب من أجل تنفيذ هذا الاتفاق، كما أعربوا عن شكرهم للمملكة لكونها ساهمت في مواصلة أداء بعثة المينورسو لمهامها، رغم الأزمة».


ورفض الكشف عن عدد الموظفين الذين سيسمح المغرب بعودتهم. وقال إن التركيز ليس على العدد وإنما على كفاءة البعثة.
وقال الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، فرانسو ديلاتر، الذي لعب دورا هاما في تقريب وجهات النظر بين المغرب والامانة العامة للأمم المتحدة إن «المحادثات بين المغرب والأمم المتحدة أتت ثمارها، حيث تم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين»، وذلك في إطار «دينامية جد إيجابية.»


وأبرز الدبلوماسي الفرنسي، أنه «من الواضح، هناك اليوم دينامية إيجابية، كما لاحظنا ذلك منذ خمسة عشر يوما. والمحادثات المعمقة بين السلطات المغربية والأمم المتحدة أتت ثمارها، إذ تم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين»، موضحا أن هذا الاتفاق «أتاح بالفعل لمجموعة أولى تضم 25 عضوا مدنيا في بعثة المينورسو العودة إلى المقر العام في مدينة العيون».

وأشار إلى أن فرنسا «جد متشبثة بأن تصل المينورسو إلى كامل وظيفتها»، معتبرا أن «التقدم المنجز إلى غاية اليوم يعد بمثابة خطوات هامة في هذا الاتجاه، ومن المهم تشجيعه». وأضاف ديلاتر أنه «حاليا، تم اتخاذ الطريق المؤدي إلى الوصول إلى كامل الوظيفة».

وقال «سنواصل تقديم دعمنا الكامل للمسلسل السياسي التي تقوده الأمم المتحدة لإيجاد حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف»، وأضاف أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في سنة 2007، يشكل قاعدة جدية وذات مصداقية للتوصل إلى حل متفاوض بشأنه».

وأشار إلى أنه «توجد حاليا دينامية جد إيجابية، حيث أعلن المغرب عن عزمه العودة إلى الاتحاد الافريقي، وهو الأمر الذي من شأنه أن يشكل مساهمة هامة في الاندماج المتنامي للقارة الافريقية»، مبرزا أن «افريقيا موحدة تشكل بالفعل عاملا للسلام والاستقرار والتنمية في القارة كما في باقي أنحاء العالم».

إلا أن رسالة التهنئة التي بعثها الأمين العام للأمم المتحدة إلى الأمين العام لجبهة البوليساريو إبراهيم غالي بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية الصحراوية التي تشكلها الجبهة قد تبقي أجواء عدم الثقة بين المغرب والأمانة العامة للأمم المتحدة.

وأكد بان كي مون في رسالته استمرار وتعاون الأمم المتحدة مع جبهة البوليساريو، بما فيه تعاون مبعوثه الشخصي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس، وممثلته الخاصة ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، كيم بولدوك.

وقالت وكالة الأنباء الصحراوية التابعة لجبهة البوليساريو إن بان كي مون عبر «عن تعاطفه العميق للرئيس إبراهيم غالي على أثر رحيل الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز» الزعيم السابق للجبهة الذي توفي في حزيران/ يونيو الماضي.