& يحيى الخردلي

& في الوقت الذي يبحث فيه الشبان حول العالم عن «البوكيمون» وهم يتوجهون تارة إلى اليمين وأخرى إلى اليسار، ممسكين بـ«هواتفهم المتحركة»، يتسابق أهالي المناطق الريفية في جازان على البحث عن الحشرة المخملية الجميلة «جدة المطر»، بعد هطول الأمطار الغزيرة التي تشهدها المنطقة، إذ يعتقدون بأنها تجلب الخير. ويتزامن ظهور «جدة المطر» مع هطول الأمطار الغزيرة، التي يعقبها موسم زراعة الذرة والخضراوات في المنطقة. ويقول الشاب وليد صلاح: «إنه يفضل البحث عن جدة المطر، وهي بهذا تغنيه عن لعبة البوكيمون التي تسبب المشكلات»، مبيناً أن رحلة البحث في البراري أمر مسل، ويشعر بالحماسة، وخصوصاً أن الظاهرة لا تأتي إلا بعد سنين، ومع هطول الأمطار فقط، مشيراً إلى أنه يقوم برصد أعدادها وتصويرها والاستمتاع بملمسها الناعم ومن ثم إخلاء سبيلها.

الحشرة المعروفة بين المهتمين دولياً بالاسم العلمي لها (Red Velvet Mite) من فصيلة العناكب ولا تلدغ، ولها ثمانية أرجل، هي من الحشرات التي تتغير ألوانها بحسب الطبيعة التي تعيش فيها، خلال فترات قصيرة جداً.

واعتاد الأطفال والشبان في جازان بالقيام برحلات مخصصة للبحث عن «جدة المطر» في المواقع الرملية للاستمتاع بمنظرها الجذاب، ولو كانت النساء يعلمن أن «جدة المطر» حشرة من فصيلة العناكب لما تجرأن للإمساك بها ووضعها على كفوفهن.

وتقول الشابة م. أحمد: «لم أصدق أنني الآن أمام مجموعة من جدات المطر ذات الألوان الزاهية، التي تزين موقع جلسة عائلتي في البر، وقدومنا إلى هنا لأجل التنزه بعد هطول المطر، وتفاجأنا بوجود أعداد كبيرة تخرج من التربة، وتمشي باتجاهات مختلفة، ونقوم بجمعها للاستمتاع بمنظرها الخلاب وجسمها المخملي ذي اللون الأحمر الفاتح».

وأوضحت أن والدها أخبرها أنه في الماضي كانوا عندما يجدون «جدة المطر» يعبّرون لها عن شكرهم وعرفانهم كونها أخبرتهم بغزارة المطر، فيقومون بإعطائها كسوة عبارة عن أحد خيوط الملابس ووضعها عليها، مبينة أن صديقاتها استبدلوا الخيوط بأزهار الفل، ويضعونها فوقها ويصورونها، ومن ثم يخلون سبيلها، مشيرة إلى أن «جدة المطر» لا تحب المواقع الطينية أو المتسخة بل تحب الرمال الصافية النظيفة.

في حين يقول المواطن علي أحمد (مالك مزرعة): «منذ القدم يعتبر ظهور جدة المطر بعد هطول الأمطار أمر يبعث السعادة والفرح للجميع»، مبيناً أنه بعد هطول الأمطار يأخذ كل مزارع مسحاة على ظهره، ويتوجه إلى أرضه الزراعية ويشاهد حبات «جدات المطر» أثناء خروجها، بعد توقف المطر مباشرة، وهذا مؤشر إلى أن غزارة الأمطار وصلت إلى أكثر من «الكف» (أي أكثر من 40 ملم)، وبعد ظهورها تتم زراعة الدخن ويسمى بـ«النديل»، أي زراعة الدخن بعصا مخصصة لحفر التربة، ونثر الدخن بداخلها وإغلاقها.