&محكمة مغربية تؤجل النظر في ملف قاصر أحرقت نفسها احتجاجا على إطلاق سراح مغتصبيها الثمانية

&

محمود معروف

& قررت محكمة مغربية تأجيل النظر في قضية اغتصاب فتاة مغربية وانتحارها بعد حكم مخفف على مرتكبي جريمة اغتصابها في وقت تطالب فيه جمعيات حقوقية بـ»تطهير» القانون من الفصول «المتسامحة» مع جرئم الاغتصاب.

وقررت المحكمة الابتدائية في مدينة بنجرير/ شمال مراكش الإثنين تأجيل ملف القاصر خديجة السويدي التي أحرقت نفسها احتجاجاً على إطلاق سراح مغتصبيها الثمانية.

وطالبت النيابة العامة بقرار التأجيل من أجل استكمال البحث والخبرة، وهذه هي ثاني مرة تؤجل فيها المحكمة البث في الملف، بحيث طالبت هيأة الدفاع تأجيله في آخر جلسة لها الأسبوع الماضي من أجل إعداد الدفوع الشكلية والاطلاع على محاضر الضابطة القضائية.

وأقدمت خديجة السويدي، ليلة 29 تموز/ يوليو الماضي على الانتحار بإحراق نفسها، جرّاءَ تهديدها من لدن شبّان تتهمهم باغتصابها وأطلق سراحهم بنشر فيديوهات لها على مواقع الإنترنت توثّق لحظات الاغتصاب في حال عدم التنازل عن الشكاية التي رفعتها ضدهم.

وخلّف الحادث غضباً كبيراً من لدن الجمعيات الحقوقية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ وهو ما دفع وزارة العدل والحريات إلى إصدار بلاغ أكّدت فيه تقديم الأشخاص المشتبه فيهم أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، والحكم على أحدهم بثماني سنوات سجناً نافذة. وشهد الأسبوع الماضي تنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة العدل والحريات تنديداً بتساهل القضاء المغربي مع قضايا الاغتصاب وتضامناً مع أسرة القاصر ونظم نشطاء وحقوقيون زيارة تضامنية يوم الأحد الماضي إلى القرية التي تعيش فيها والدة خديجة السويدي من أجل مواساتها كما نظمت هيئات مدنية وقفة احتجاجية اول من امس الاثنين أمام المحكمة، تحت شعار «كل نقص في القانون يكلف آلاف الضحايا من النساء». ووجّه «تحالف ربيع الكرامة»، الذي يضمُّ 25 جمعية، رسالة إلى السلطات الحكومية والتشريعية والقضائية، تطالبُ فيها «تطهير التشريعات الوطنية من التمييز ضدّ النساء»، بما يضمنُ توفيرَ حماية قانونية لهنّ.

وطالبَ التحالف في الرسالة التي ارسلت نسخة منها لـ»القدس العربي» بتأهيل المنظومة التشريعية لمكافحة الإفلات من العقاب في الجرائم والتمييز ضد النساء، انسجاماً مع الدستور وفي تلاؤم مع التزامات المغرب. كما طالب بـ»تدارك القصور الذي شاب مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وتجاوز الضعف الذي يميزه، وإصدار قانون شامل لحماية النساء من العنف».

وانتقدتَ الجمعيات الحقوقية «التساهل» الذي جرى التعامل به مع مغتصبي خديجة السويدي، دعا «تحالف ربيع الكرامة» إلى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليها دستورياً، بتدخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية «من أجل التحقيق مع كل من تدخل بصفته القضائية في هذا الملف، من نيابة عامة ومؤسسة قاضي التحقيق وقضاء الحكم». وطالب التحالف بـ»إصدار العقوبات التأديبية في حق من يثبت تورطه في تجاوز القانون أو عدم تطبيقه أو سوء تطبيقه في اتجاه حرمان الضحية خديجة من الحق في العدالة والحماية القضائية».

ودعا تحالف ربيع الكرامة وزارة العدل والحريات ووزارة الداخلية إلى «التحقيق مع أعضاء الشرطة القضائية الذين أشرفوا على إنجاز البحث التمهيدي، ولم يستنفدوا جميع الإجراءات المسطرية المنصوص عليها بقانون المسطرة الجنائية خلال البحث التمهيدي أو أساؤوا تطبيقها، مما ساهم في استمرار اعتداء الجناة على الضحية وتسبب في انتحارها حرقًا».

وأبدت الجمعيات النسائية والحقوقية والأمازيغية والتنموية المنضوية في تحالف ربيع الكرمة استغرابها لما وصفتْه بـ»التضارب الصارخ بين القرارين الصادرين عن محكمة الاستئناف بمراكش بشأن الجرائم نفسها قبل وبعد مأساة الانتحار»، متسائلة «هل كان من الضروري أن تنتحر الضحية احتراقاً، لكي تشرع العدالة في أخذ المجرى «العادي»؟».

&