علي الجحلي&

يحتاج المشهد الثقافي إلى المزيد من المصداقية والشفافية وتقبل الرأي الآخر والدحض بالحجة الدامغة الصادقة. هذا المفترض في حوار المثقفين، وهو مطلوب أكثر من أساتذة الجامعات والمفكرين وصناع الأجيال القادمة، لأنهم سواء رضوا أم أبوا قدوات ينظر إليهم طلبتهم، ويرون فيهم ـــ غالبا ـــ قمما ثقافية.&

تأتي وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الإعلام المختلفة في مقدمة المواقع التي يجب أن تحظى بالاحترام والتنزيه عن اللغط والمغالطات، ذلك أن تأثيرها في العقل الجمعي واضح ووصولها شبه مضمون لكل من يتابع أو يهتم لأمر المثقف.&

كما أن من نافلة القول أن يعترف المرء بما جبل عليه من حب الذات، وما يستعصي عليه من الاعتراف بخطأ مفهوم أو رؤية أو رأي، حتى وإن كان ارتباطه به لا يتجاوز جلسة نقاش أو حوارا تلفزيونيا اندفع خلاله بحماس لتبني رأي هو ـــ نفسه ـــ غير مقتنع بصحته.&

الأزمة إذا بسيطة وسهل التعامل معها كلما كان المرء متقبلا لحقيقة بشريته، وإمكان خطئه وهو أمر شاهدناه واقعا على مر عصور التاريخ، بل نشاهده يوميا كجزء من تركيبة الإنسان الذي هو كل واحد منا. الاعتراف بالخطأ بداية رحلة معرفية رائعة لا يعرفها سوى من اعترف بأنه لم يتخذ القرار الصحيح أو لم يراجع المعلومات ويتأكد منها أو أنه أراد إسقاط رأي مخالف.

&الغالب في حواراتنا الثقافية الخلافية، هو إثبات صحة الرأي مهما كلف الأمر من لي للنصوص وتحوير للحقائق ووضع استنتاجات لا تلائم المعطيات الأصلية. ومن أقدر على فعل كهذا من المثقف المفوه، لكن هل يوصلنا هذا النصر إلى أي مكان تحت الشمس، لا أظن ومن اعتقد ذلك فليراجع سير كل من حاربوا الفكر القويم والمنهج السليم، ويربط ذلك بمآلاتهم في مجالات تفوقهم.

&يهمني في هذا المقام أن أطالب بعملية تربوية أساس تعالج النقص الذي يعتري مفاهيم أغلبنا، من صحة الرأي والدفاع عنه وإن كان خاطئا، لأن ترسيخ مفاهيم رفض الحق، سيؤدي دون شك لهزيمة فكرية وأخلاقية وثقافية نراقب بعضا من شواهدها حولنا في كل مكان.&

&

دور مهم تتبناه كل المؤسسات الثقافية والتربوية يعتمد على الحوار وتصحيح المفاهيم وتقبل الرأي المخالف ما دام حقا. هذا الدور يبدأ في الأعلى ويصل أثره وفائدته لكل الفئات، فهلمَّ أساتذة الجامعات ومثقفي البلاد.