&خالد أحمد الطراح&

البنك الدولي كما هو معروف جهة استشارية دولية، تقدم الدعم للدول النامية في وضع سياسات وخطط اصلاحية، من شأنها ان تساعد في تحقيق انجازات تنموية لمعالجة الاختلالات المالية والاقتصادية، وهو ما قدمه البنك الدولي قبل وبعد تحرير الكويت من دراسات، لم ير اي من توصياته النور حتى لو بنسبة متواضعة جدا!

عدم تنفيذ التوصيات مسؤولية سياسية تتحملها الحكومة ومجلس الامة كجهة تشريعية دستورية، التي تحاسب الحكومة على اي تقصير او تراخ في التنفيذ، ولا علاقة للبنك في الشأن السياسي، لكن ما صرح به مدير مكتب البنك الدولي في الكويت د. فراس رعد في 7 – 8 – 2016 خرج عن اطار المهمة الاستشارية للبنك، وفقا لما ورد في الموقع الرسمي للبنك منذ انشائه في 1944.

قرار زيادة اسعار البنزين، وهو محل جدل سياسي، خصوصا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، أمر داخلي بحت، وما صرح به ممثل البنك الدولي في الكويت خرج من الاطار الاستشاري الى التصريح السياسي بدعم قرار الحكومة، وذلك يرقى إلى تدخّل غير مبرر ولا يستند الى دوافع موضوعية.

لقد جانب مدير البنك الصواب في التوقيت والمضمون، وكان ينبغي عدم دخول نفق الشؤون المحلية ذات الحساسية السياسية المفرطة!

كان على ممثل البنك الدولي ان يدلي برأيه للحكومة من خلال القنوات الرسمية، وليس بالتصريح الى وكالة كونا الرسمية!

وكان الأجدر به ألا يقوم بالتأييد لقرار الزيادة، بل كان يجب أن يذكرنا جميعا بحزمة التوصيات التي قدمها البنك، وتراخت الحكومة في تنفيذها على مدى عشرات السنوات، التي كان يتم إعدادها مقابل مبالغ طائلة من دون ان تستفيد منها الدولة!

من بين ما قاله ممثل البنك الدولي ان «الزيادة» ستعالج تلوث البيئة، وتساعد في تحفيز المواطنين على استغلال النقل العام.

ويفترض بممثل البنك أن يكون مدركا ان الحكومة تمتلك شركة للنقل العام، لم تنجح في ترسيخ مفهوم النقل الجماعي، كما أن الشركة تستخدم أرخص انواع الديزل، وهو من أهم مصادر التلوث البيئي!

وكيف يمكن ان «تساعد الزيادة في تنشيط الاقتصاد»، ونحن نعرف أن مثل هذا القرار له ابعاد ايجابية طويلة الامد، وله ايضا ابعاد سلبية قصيرة الامد، سواء على تجارة التجزئة والمناقلة وغيرها؟ وكيف يمكن ان يساعد مثل هذا القرار في خلق فرص عمل والتركيبة السكانية تعاني من خلل يستدعي قرارا سياسيا وليس زيادة سعر البنزين؟!

ممثل البنك الدولي، للأسف، أقحم البنك في شأن سياسي داخلي، وهو ممارسة مستجدة لم يمارسها من سبقوه في هذا المنصب، خصوصا من ساهم في دراسات البنك بعد التحرير، وساهم ايضا في تأسيس مكتب البنك في الكويت وهو د. يوسف عبدالهادي، الخبير الاقتصادي، وليس الخبير في الصحة العامة، وهو تخصص د. رعد، كما ورد في سيرته الذاتية!

اذا كان ما صرح به ممثل البنك جاء نتيجة استشارة اعلامية او بإيعاز من الغير فالمصيبة اعظم!

على مكتب البنك في الكويت الاستعانة بإعلاميين ذوي خبرة في الشأن المحلي لتصويب مثل هذه الاخطاء ذات الابعاد السياسية، لا بل يجب التركيز على الدور الاستشاري من دون التدخل في الشأن السياسي الذي يثير حفيظة الشعب.

&