فوزية أبل&

تشهد بلدان المغرب العربي وشمال أفريقيا تغلغلا لقوى التطرف والإرهاب، بعضها ذات صلة بما يجري في العالم العربي وأوروبا. فالأوضاع المشتعلة في ليبيا هي بمنزلة محور أساسي للمواجهة مع تنظيم داعش، فيما جماعة بوكو حرام تضرب في العمق، ومتطرفون من أصول مغاربية (المغرب العربي) يشاركون في العمليات الإرهابية في قلب أوروبا.

فرنسا خائفة من تمدّد تنظيم داعش في ليبيا والمغرب العربي، ولم يكن من قبيل الصدفة أن منفّذ الهجوم الدامي بواسطة شاحنة في مدينة نيس هو من أصل تونسي، وهو غير مسجّل كمتطرف.. وكان لافتا إعلان الرئيس فرنسوا هولاند عن وجود «قوات خاصة فرنسية» في ليبيا، ولقي ثلاثة من هؤلاء مصرعهم.

التقارير الدولية المتوافرة تفيد بوجود بعض التداخل بين ظاهرات ثلاث: الأولى، أن فرنسيين من أصول «مغاربية» يشكلون خطرا على شمال أفريقيا، بدءا من بلدان المغرب العربي. الثانية، أن متطرفين من أصول «شمال أفريقية» يقومون بأعمال عنف (أو تحريض على الإرهاب) في أوروبا، وبعضهم يتسللون عبر البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا واليونان وغيرها. الثالثة، ازدياد عدد «المغاربة» المتسللين إلى شرق المتوسط للقتال إلى جانب «داعش»، والعكس صحيح، أي تدفق مقاتلين من «الشرق» إلى أوروبا وشمال أفريقيا.

ولقد سجل خلال الأشهر الماضية وجود ثمانية آلاف متطرف «داعشي» في تونس وحدها، وفي ليبيا 6700. وهناك تدفق في اتجاه الجزائر والمغرب، وهو ما تغفله معظم أجهزة الإعلام.

وعلى الصعيد الرسمي، الذي حصل هو أن الجزائر والمغرب على الرغم من خلافاتهما العميقة بشأن الصحراء الغربية وغيرها، باشرتا «نوعا» من التنسيق لأجل تفكيك خلايا التجنيد والإسناد للعمليات الإرهابية. وعقدتا اجتماعات أمنية لمتابعة وضع القادمين من سوريا، والذين يتداخلون أحيانا مع دواعش ليبيين. والمعلومات المتوافرة تفيد بوجود صعوبات في التعامل مع المجموعات الصغيرة.

وتمكنت المغرب مؤخرا من تفكيك العديد من الخلايا النائمة والشبكات الإرهابية، وإحباط بعض الهجمات، فالمغرب (الرائد في محاربة الإرهاب) يعيش حالة من التأهب الأمني، وتحديات أمنية أبرزها ملف التوتر الأمني في منطقة المغرب العربي من جهة، وعودة المقاتلين المغاربة من صفوف التنظيمات الإرهابية إلى الوطن (الهجرة المعاكسة)، وحسب مصادر أمنية وإعلامية مغربية، فإن كثيرا من هؤلاء المقاتلين قد امتلكوا الخبرة الميدانية والقتالية، وتسلموا مهام قيادية.

المطلعون والمتابعون يشيرون إلى أن الانكماش النسبي في أعداد (ونفوذ) الجماعات الإرهابية في شرق المتوسط يدفع بعضهم للتحول نحو شمال أفريقيا، أو حتى نحو قلب أوروبا.

وبدأت تتبلور بعض قنوات التنسيق، حتى بين الجزائر والمغرب، في ظل صعوبة ضبط الحدود بين البلدين. وهناك جهود مكثفة لمنع حصول بعض التداخل بين متطرفي المشرق القادمين إلى شمال أفريقيا، وبين «القاعدة في بلاد المغرب العربي». والتنسيق مع فرنسا وبلجيكا وألمانيا ودول أوروبية أخرى يزداد قوة.

&