&صحف عراقية: صعوبة الإصلاح في العراق ومغزى إقالة وزير الدفاع وحراك سياسي مبكر للانتخابات وأزمة العلاقة بين بغداد والإقليم

&

&مصطفى العبيدي&

& تناولت الصحف العراقية مواضيع مختلفة مثل إقالة وزير الدفاع العراقي وصعوبة القضاء على الفساد ومعاناة سنة العراق وعودة النازحين والحراك المبكر للانتخابات والعلاقة بين بغداد واقليم كردستان.

&الشيزوفرينيا السياسية والمربع صفر

&ونشرت صحيفة الزمان المستقلة، مقالا للمفكر عبد الحسين شعبان، جاء فيه ،» كثرة من أعضاء البرلمان الذين صفّقوا بحرارة لوزير الدفاع خالد العبيدي، في جلسة الاستجواب المثيرة، لكشفه للفساد، عاد بعضهم لجمع التواقيع لسحب الثقة منه، (63 نائباً) الأمر الذي سيعني إسكات المطالبين بمحاسبة الفاسدين، إذْ من سيجرؤ بعد إقالة وزير الدفاع في الحديث عن الفساد، فقد يكون هو الضحية القادمة، سواء كان وزير الدفاع متورطاً بالفساد أم لا؟ لكن ذلك لن يغيّر من الواقع شيئاً، فالفساد أصبح أقرب إلى مؤسسة لها أخطبوطات مختلفة وقوى ضاربة، وسيعني الاقتراب منها مغامرة حقيقية. هكذا أخذت الأزمة الدورية التي تضرب العملية السياسية بين الفينة والأخرى منذ الاحتلال الأمريكي العام 2003 ولحدّ الآن، تزداد تفاقماً، وترتفع وتيرتها بصورة طردية بفعل استمرار ظواهر الإرهاب والعنف والمحاصصة الطائفية ـ الإثنية والفساد ووجود الميليشيات.

لقد انتقل الصراع بين الكتل والتحالفات إلى داخلها، وكشفت جلسة الاستجواب أن أزمة العملية السياسية بنيويّة، ولا يمكن تجاوزها إلاّ بتغيير جذري يطالها من الأساس، فالتسوية التي حصلت لمنع انحلال البرلمان عادت إلى الظهور بقوة، وهكذا بدا المشهد صمغياً أكثر من أي وقت مضى، فرئيس البرلمان الذي أقيل ثم عاد، أعلن هو عن انسحابه هذه المرّة لغاية تبرئة ساحته من جانب القضاء، وبعد جلسة استماع لم تستغرق سوى 40 دقيقة، وهو الأمر الذي استغرب منه رئيس الوزراء، الذي ردّ عليه الجبوري، بعدم التدخّل بشؤون السُّلطة القضائية من جانب السلطة التنفيذية.

لقد عدنا إلى المشهد ذاته على الرغم من الشدّ والجذب، أي الإبقاء على ما هو قائم وعدم التحرّش بالرئاسات الثلاث، لأنها أساس المحاصصة و«التوازن» الغنائمي لنظام الزبائنية السياسي.

في ظل هذا الوضع المعقّد، يصبح الإصلاح بعيد المنال والقضاء على الفساد صعباً، إن لم يكن مستحيلاً، خصوصاً وأن الجميع متورطون به، والخلاص من الإرهاب والعنف غير ممكن بغياب المصالحة السياسية واستمرار إجراءات العزل الاستثنائية، تلك هي الشيزوفرينيا السياسية التي هيّمنت على المشهد السياسي على نحو لفّته مثل شرنقة يصعب الخروج منها، إلاّ بتمزيقها، ومعنى ذلك العودة إلى المربع صفر».

وتناول المقال الافتتاحي لصحيفة المشرق معاناة اهل الحويجة غرب كركوك، ذكرت فيه « ما عاناه أهالي الحويجة، وهم من أعرق القبائل العربية في العراق، من معاناة واضطهاد وقتل أمام الكاميرات في عهد الحكومة السابقة عندما شاهد ملايين المشاهدين عبر الفضائيات اندفاع عشرات الهمرات المسلحة التابعة للشرطة الاتحادية والجيش في ساحة الاعتصامات وهرست بعض المواطنين الأبرياء الذين شاء حظهم العاثر أن تكون وقفتهم أمام هجومها البربري.

داعش المجرم أذل أهل السنة والجماعة في مناطقهم بل، ويخيل للمراقب الذي يشاهد آلاف الجرائم الفظيعة التي يرتكبها تنظيم الدولة ضد العرب السنة في العراق كما لو كان التنظيم مصمماً لقتال أهل السنة وليس غيرهم، وإلا كيف نفسر الجرائم الوحشية التي ارتكبها التنظيم في المناطق السنية وبالطبع لا يمكن التغافل عن جرائم التنظيم ومفخخاته ضد العرب الشيعة أيضا!

أهالي الحويجة، وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها مرميين على الطرقات الصحراوية مع نسائهم وأطفالهم يعانون ضنك العيش والجوع والعطش والمأوى!

حوصر أهالي الحويجة بعد طردهم من مدينتهم العريقة التي استولى عليها التنظيم المجرم وطوقتها قوات الحكومة والبيشمركه.. حوصروا بالعطش والجوع أولاً وتركوا مهملين في الصحراء بل وأجبروا على المضي في الطريق القاحل بين كركوك وديالى وفي منتصف المسافة بالقرب من جبل حمرين حيث يدا سلطتي محافظتي كركوك وديالى لم تمتدا لإسعاف النازحين ولم يقدم محافظ كركوك ولا محافظ ديالى أية مساعدة إنسانية للآلاف من الأطفال والنساء والرجال الهاربين من جحيم التنظيم!

إن التاريخ سيلعن من كان السبب وراء معاناة أهالي العراق بعد 2003 بل وسيحاسب القتلة والمجرمين والملوثين بالطائفية وجميع أصناف التنظيم فأين المفر من الله؟»

&الانتخابات وكيد الأحزاب&

ونشرت صحيفة طريق الشعب الصادرة عن الحزب الشيوعي مقالا، اشار كاتبه إلى «في ظاهرة لا أظنها مسبوقة في عراق مابعد التحرير، أراها شاعت قبل أوانها، تلك هي التهافت والتحضر للانتخابات المقبلة، وسواء أكانت انتخابات مجالس المحافظات في العام المقبل، أم انتخابات المجلسين التشريعي والتنفيذي في العام الذي يليه! فقد ألفنا التجارب الثلاث الماضيات يسبقها التهيؤ بثلاثة او أربعة شهور، في حين نرى اليوم الكتل والأحزاب (حادة اسنانها) منذ أسابيع، مشمرة عن سواعدها في استعجال العد التنازلي لساعة الصفر بتعجيل وتسابق لافت للنظر.

ففي نيسان المقبل موعد انتخابات مجالس المحافظات، سينقسم سكان هذا البلد إلى قسمين؛ القسم الأول هم الضحية إذ يشكلون نسبة 99٪ من تعداد نفوس البلاد، وهم بين متأمل وحالم بخير قادم، وبين قانط ويائس منه. أما القسم الثاني وهم النسبة الضئيلة عددا الكثيرة ثقلا وأثرا وتأثيرا في البلد، فهم المرشحون، الذين هيأوا قفازاتهم وسنوا رماحهم لخوض هذه الجولة من معركتهم ضد خصمهم وعدوهم اللدود المواطن العراقي، بكل ما أوتوا من دهاء وحيلة في انتقاء المفردات والجمل الرنانة، واستخدامها كطعم من شأنه ان يسحر لبّه ويستقطب انتباهه.

لقد طفح الكيل بالعراقيين من تجاربهم الانتخابية السابقة، ولم تعد تنطلي عليهم ألاعيب مرشحي اليوم ومسؤولي الغد، ممن لا يرون في المنصب إلا صفقة مربحة وقفزة سريعة في تحسين وضعهم الاقتصادي، غير آبهين بمصير المواطن ومصالحه.

نعم، أرى أن الدورة الانتخابية المقبلة تختلف عن سابقاتها، أما وجه الاختلاف فإنه سلاح ذو حدين، وما على المواطن إلا انتهاز فرصته المشروعة، والتمعن في مصلحته ومصلحة بلده بانتقاء الحد الأصلح من هذا السلاح، وليتحذر من استباق الأحزاب منذ الآن للعملية الانتخابية، فحتما؛ «إنهم يكيدون كيدا».

وعلقت افتتاحية صحيفة العدالة المقربة من المجلس الأعلى الإسلامي، على» اصدار وزارة الهجرة احصاءات عن عودة عشرات الالاف من النازحين إلى مناطقهم.. حيث تشير“البيانات إلى عودة (164) الف و(315) اسرة لمناطقها الاصلية وتمثلت بـ (52) الف و(169) عائلة لمحافظة الانبار.. و(85) الف و (716) عائلة لمحافظة صلاح الدين.. و(24) الف و(480) عائلة لمحافظة ديالى، و(1950) عائلة لقضاء مخمور.. وطالبت الوزارة الاسر مراجعة فروع الوزارة في محافظاتهم لتوثيق عودتهم”

هذا خبر مفرح.. فعدد العائدين لديارهم سيكون حوالي 1.2 مليون نسمة تقريباً، حسب متوسط عدد افراد العوائل.. وهذا نجاح كبير للمجتمع العراقي وللدولة والوزارة والقوات والحشد والبيشمركة.. وهو يزيل الكثير من المخاوف المتراكمة خلال فترة نزوح أعداد كبيرة. فهذا نجاح للمجتمع والدولة لأن الغالبية الساحقة من النازحين قد لجأوا لمناطق تختلف عنهم في المذهب والقومية.. وهو ما يشير ان مجتمعنا ليس بتلك الطائفية والتعصب القومي الذي يتكلمون عنه.. فجوهر نسيجه وانسجامه ما زال سالماً، رغم كل الاساءات والاخطاء التي حاولت تمزيقه.

الأمر الثاني ان استقبال النازحين والسعي لتقديم أفضل ما يمكن هو ايضاً اشارة لطبيعة المشتركات السياسية والاجتماعية وفي مفاهيم المواطنة في البلاد.. والتي يواجه العراق حملة شرسة للحط منها واظهار العراقيين وكأنهم وحوش وأناس لا قيم ولا أخلاق ولا وطنية لديهم.. فلقد وقف الجميع مع النازحين سواء من القوى السياسية او السلطة التنفيذية او القوات المسلحة او السلطة التشريعية او المرجعيات الدينية وغير الدينية ومؤسسات المجتمع المدني، وان الكلام او التصرفات النشاز بقيت استثناء امام اجماع وطني لم يفرق بين احد من النازحين كابناء وطن واحد. ولهذا الامر دلالاته التي يجب استخلاصها.

ان المجتمع العراقي رغم كل الاهوال التي اصابته.. ورغم الكثير من النواقص والاساءات التي يتعرض لها المواطنون بسبب الخلافات السياسية والطائفية والاثنية، ما زال يمتلك قاعدة واسعة، ونسيج اجتماعي يمكن ترميمه والبناء عليه».

&علاقة بغداد والإقليم

&وعن علاقة كردستان بحكومة بغداد، كتب صبحي ساليي في جريدة التآخي المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، مقالا جاء فيه « يبدو أن السيد حيدر العبادي الذي وصل إلى منصب لم يكن يحلم به، قلق ويعاني صعوبات في الحفاظ عليه، لذلك نراه ينجرف كالذين سبقوه إلى المطبات، ويقع في أفخاخ النيات، ويخلق المتاعب للآخرين ويبتعد رويدا رويدا عن الشركاء السياسيين الذين صعد على أكتافهم إلى القمة، وينجر إلى المواجهات و المناكفات العلنية، معتمداً على الخلافات والنزاعات المتوزعة بين الاتجاهات السياسية المتعاكسة، والأفكار المتناقضة و المصالح المختلفة، وتعويلاً على التقارب التركي الروسي الإيراني، وإعتقاده الخاطئ بأن الدول الثلاث ستتناسى أحقادها التاريخية وضغائنها الدفينة وخلافاتها القديمة والجديدة وتضع مصالحها جانباً، من أجل مصالح بغداد ودمشق والاضرار بالشعب الكردي.

توجه نحو المخاطرة والمغامرة في التصريحات وفتح أكثر من جبهة على نفسه وحزبه الذي أخفق في إنتهاج نهج موفق تجاه منافسيه في البيت الشيعي، وفي علاقاته مع الأحزاب الاخرى الكردية والسنية والدول الإقليمية وعواصم القرار.

السيد العبادي، يحاول أن يأخذ مكانه بين الناجحين، وبيده سلة من الإخفاقات التي لا يمكن أن تتحول إلى نجاحات.

يريد البقاء والاستمرار في حكم البلاد وتطويع الظروف لصالحه، فيما تواجهه تحديات شائكة لاحصر لها، أبسطها، محك لجدارته بالحكم والاستمرار فيه، وربما ستأذن بموته سياسياً ونهاية مفعوله، وأهمها متعلق بمعركة الموصل، التي ستكون معركة وطنية حاسمة، لأن الشهداء الذين سيسقطون فيها، ينتمون إلى أغلب مناطق العراق، وتتمازج فيها الدماء السنية والكردية والشيعية والتركمانية والمسيحية، وتقتضي الضبط والتراتب والألتزام بالقيم الإنسانية والاخلاقية والقوانين العسكرية، وستكون عنواناً للبذل والعطاء، فضلاً عن كونها ستحدد ملامح المرحلة التي تليها. ويتجاهل العبادي أن أهالي الموصل من السنة ذاقوا العلقم في عهدي المالكي، وأن خمسة طرق من مجموع الطرق الستة التي تؤدي إلى الموصل هي بيد الكرد وتحت سيطرة البيشمركه.

وما قاله قبل أيام عن البيشمركه، عندما تقدموا خلال الأسبوع الماضي مسافة تزيد عن 20 كلم في محاور الخازر والكوير ومخمور، واستعادة 12 قرية كانت تخضع لسيطرة تنظيم داعش، وبدلا من التهنئة، أعلن عن موقف لايمكن تفسيره سوى بالاستمرار في معاداة الكورد والامتعاض من شجاعة وإنتصارات البيشمركة، وتفضيل بقاء المناطق تحت احتلال داعش على تحريرها من قبل البيشمركه».

&غياب التفاهم

&وكتب عمار البغدادي مقالا في صحيفة الصباح الجديد المقربة من الحكومة، جاء فيه « لن اكون «ساذجا» او ربما «متفائلا» عبر التأكيد ان «المشترك» بين الاقليم والمركز قادر على تأهيل علاقة ملتبسة وشائكة كالتي جرت وتجري فصولا مرة وكئيبة بين بغداد واربيل.

ان من يشتغل على الملف بهذه الخلفية الساذجة سيكون امام انهيار مروع لحقيقة تاريخية اكدتها « التجربة الحالية» في النظام الديمقراطي الجديد هي ان الساسة الكرد في اربيل ميالون إلى «الانفصال الفعلي» على خلفية من الاهداف المحلية والاقليمية والتحالفات الدولية فيما يفضل كرد السليمانية البقاء في المكون الاتحادي الفيدرالي الوطني العام احتراماً لقيم العيش المشترك وقيم النضال الوطني السابقة ورغبة بعدم التحرش بالمكونات الثابتة في جغرافية الدولة الوطنية الحديثة وفهمهم لواقع حال المسألة الكردية في الدول المجاورة!.

انها المغالبة التي تتحرك على نسيج تشكيل الحكومة ونسق الديمقراطية وقوانين الانتخابات العامة في البلاد حيث يضمن البارزاني نسبة الـ 17٪ من الموازنة الاتحادية بعد طرح النفقات السيادية والعمل على الافادة من الوجود الكردي في وزارات الدولة الاتحادية واغتنام الفرص المتاحة للوصول إلى الهدف الاستراتيجي الكبير وهو الانفصال. الاختلاف جذري.. لأن الدستور العراقي الذي شكلته قوى سياسية كانت تبحث عن امتيازاتها الشخصية بخلفيات طائفية وقومية وعرقية وسياسية ومجتمعية وتباينات فكرية حادة وايديولوجيات مختلفة هو الذي وضع العلاقات المشتركة والاختلاف والاتفاق في فوهة النار.

لقد القت تلك الحقوق والهبات «الدستورية» الكبرى بظلالها على طابع الحقوق المالية والسياسية والاقتصادية التفصيلية للكرد حيث قللت من حجم الدولة وقزمت دورها وكينونتها واستبدلتها بطابع الدولة التابعة. ادعو الحكومة الحالية إلى التعاطي مع « السليمانية بوصفها «الحل الشرعي» لغياب التفاهم مع الاقليم ومايمثله من سلوك مخالف والعمل على الاتفاق الذي جرى بين التغيير والاتحاد الوطني والبناء على مستقبل هذه العلاقة في ظل الفراغ الرئاسي في الاقليم».