&أمين حمادة

تمسك الممثلة اللبنانية إلسا زغيب نار الفن وثلجه بيديها، إذ تمارسه كأولوية في حياتها، إلا أنها تمتهن في الوقت عينه، ما يحقق لها الاكتفاء الذاتي من دونه، فتضمن ما يلبي قناعاتها. تكشف في مقابلة لـ»الحياة»، عبر أجوبة عفوية وتلقائية ومقنعة تماشي أسلوبها في التمثيل، أن والدها اشترط عليها عندما قررت دراسة المسرح، أن تعمل في وظيفة أخرى إلى جانب التمثيل، «لأن لا أحد خلفي أستند إليه» وفق تعبيرها، فبدأت بالتدريس قبل أن تؤسس شركة خاصة لتنظيم المناسبات. تقول: «ما زلت أعمل في مؤسستي من أجل هدف واحد فقط، هو ألا أضطر إلى قبول أي دور أو تنازلات أخرى بسبب الحاجة الى مال، فلا أنقص من مستواي ولا من قيمتي. أنا أحمي نفسي أكثر بهذه الطريقة».

تنعكس «حصانة» زغيب هدوءاً في التعامل مع سلبيات المهنة وإيجابياتها وواقعها، على رغم أنّ طريقها الدراميّ «لم يفترشه الورد» على حد وصفها، فتتأسف مثلاً على طغيان الوجوه النسائية الآتية من خلفية مسابقات ملكات الجمال أو عروض الأزياء على الشاشة على حساب الأكاديميات، لكنها تميز بين «من تمتّعن بالموهبة وعملن على تطويرها فأصبح وجودهن مطلوباً، ومن قادتهن مصالح مشتركة بلا موهبة الى الصف الأوّل من دون موهبة ولا استحقاق». وتضيف: «للأسف، سنوصل درامانا التلفزيونية إلى الحضيض والهلاك فقط لتحقيق رغبات البعض». وتشير إلى عدم وجود مفهوم النجم أو النجمة في لبنان على رغم كل «الطبل والزمر»، إذ لم نصل الى مرحلة يتمّ الاعتماد فيها على اسم بذاته لاستقطاب الجمهور وضمانه، كحالة الفنّان القدير عادل إمام في مصر مثلاً.

وترى في نظرة أدق إلى الدراما اللبنانية، أن من أبرز مشاكلها عدم وجود بطولة مشتركة، إذ لا تزال ترتكز على البطولة الثنائية مع تهميش الخطوط الأخرى، إضافة إلى اجترارها تيمة الحب والخيانة نفسها والجانب ذاته من المجتمع. وتتابع: «غالبية الأعمال تعتمد على قصص أبطالها أغنياء، وبالتالي أماكن تصويرها فخمة، وتضيء على طبقة تعتبر أقليّة في مجتمعنا». وتتساءل: «لما لا نشاهد في أعمالنا مثلاً، أزمة السير وانقطاع الكهرباء والمياه ومشكلة النفايات على الطرقات وغيرها الكثير، وحتى التفاصيل الحقيقية للشارع والإنسان اللبناني؟»، محيلة التساؤل إلى كتاب الدراما: «الإجابة عندهم».

وتواصل تشديدها على أن أهم ما قد تقدّمه الدراما للمشاهدين هو «أن تشبههم، لأن الممثل يقدم أدواره للناس، هم يشاهدون أعمالنا بكل أطيافهم واختلافاتهم، لذا ببساطة علينا أن نتوجه إليهم جميعاً»، غير أنها تجزم بأنه لا يحق لأحد مطالبة الدراما اللبنانية بأن تضيء في كل أعمالها على الجزء المزري الذي يعيشه البلد، «لأن المشاهد في حاجة أيضاً الى متابعة أعمال خفيفة ترفّه عنه، كمسلسلات الحب والكوميديا وغيرها»، داعيةً إلى التوازن بين النوعين.

وتدلل على قصدها بالتوازن عبر مسلسل «كواليس المدينة» (غادة عيد وأسامة الحمد)، الذي شاركت فيه أخيراً، مجسّدة شخصية «ابتسام»، المرأة التي تكافح لإخراج زوجها المظلوم من السجن. تعتبر زغيب أنها قدمت بدورها في المسلسل «جزءاً من معاناة شريحة من الشعب اللبنانيّ، المظلومين والمهدورة حقوقهم، والذين يعيشون الظلم قهراً وجلادهم يختال أمام أعينهم». وتؤكد: «الحمدلله لم أقدم في حياتي أيّ دور مهما كان صغيراً لا أشبه فيه الناس وواقعهم». وبالربط بين قناعاتها الأخلاقية والفنية في اختيار أدوارها، و»الحصانة» المادية التي جعلتها «سنداً لها»، تكشف رفضها المشاركة في ستة أعمال بعد «كواليس المدينة»، بسبب عدم اقتناعها بالأدوار أو بالعقود، مع احتمال مشاركتها في مسلسل «بلحظة» (نادين جابر وأسامة الحمد) قيد التحضير.

ولم يغب التقديم التلفزيوني عن مسيرة زغيب الحافلة مهنياً، فبعدما قدمت برنامج «استوديو الفن» في عام 2010، وشاركت في تقديم «تاراتاتا» لاحقاً، تنتظر اليوم البرنامج المناسب. تقول: «من الممكن أن أعيد التجربة، لكن وفق العروض التي ستقدم. أنا أنتظر وأبحث عن شيء يشبهني لأقدمه، لكن حتى الآن لا يوجد. حتى عالم التقديم يتطلب اليوم للأسف معايير جمال محددة وربما اصطناعية».