أمين ساعاتي&

حقق الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الوفد السعودي إلى مؤتمر قمة العشرين في الصين كثيرا من الإنجازات في هذه القمة، حيث تميزت مشاركة المملكة في قمة العشرين التي عقدت في الأسبوع الماضي في مدينة هانغجو الصينية باللقاءات الثنائية المهمة التي عقدها الأمير محمد بن سلمان على هامش القمة مع رؤساء وقادة الدول المشاركة في المؤتمر.&

ومن خلال هذه اللقاءات استطاع الأمير محمد بن سلمان أن يمرر عديدا من الرسائل التي كان ينوي تمريرها وسط زحام انشغالات المؤتمر.

&

ورغم إن كل اللقاءات على درجة كبيرة من الأهمية إلا أن اللقاء الذي عقده الأمير محمد بن سلمان رئيس الوفد السعودي إلى القمة مع الرئيس بوتن رئيس روسيا قد تمخض عن توقيع بيان مشترك سعودي - روسي يقضي باتخاذ إجراءات مشتركة لتحقيق استقرار سوق النفط التي تعاني تخمة في المعروض، وتعاني ــ بالتالي ــ انخفاضا في الأسعار.

&

ولأن الاتفاق يأتي في إطار السياسة التي تنتهجها المملكة العربية السعودية للوصول إلى سعر مستقر للنفط، فقد شهدت سوق النفط ــ عقب توقيع الاتفاق السعودي الروسي ــ ارتفاعا في سعر برميل برنت بنسبة 5,4 في المائة ليصل إلى 49,15 دولار للبرميل.

&

وإضافة إلى ذلك فقد اغتنم الأمير محمد بن سلمان فرص انعقاد قمة العشرين واستعرض أمام القادة والزعماء المشاركين في القمة «رؤية المملكة 2030 » مؤكدا حرص المملكة على إيجاد شراكات وتحالفات مع الشركات العالمية.

&

والواقع إن القمة عقدت بشعار بناء اقتصاد عالمي إبداعي وحيوي مترابط وشامل، وكل كلمة من هذه الكلمات لها معنى عند الدول العشرين المشاركة في القمة، فالاقتصاد الدولي الذي يمر بظروف صعبة يحتاج إلى الإبداع والحلول غير التقليدية، ويحتاج إلى الحيوية والتعاون من قبل جميع الدول العشرين.

&

وإذا نظرنا إلى شعار القمة من خلال «رؤية المملكة 2030»، نلاحظ أن هذا الشعار مهم لبرامج رؤية المملكة، حيث أكد الأمير محمد بن سلمان حرص المملكة على إيجاد شراكات وتحالفات مع عديد من الشركات العالمية.&

وبعبارة أخرى فالاقتصاد الدولي لا تمثله اليوم مجموعة الثماني، وإنما أصبحت تمثله مجموعة العشرين، فالصين والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية والمكسيك والمملكة العربية السعودية وتركيا والأرجنتين ليست "تكملة عدد"، بل إن الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول أصبح أعلى من الناتج المحلي الإجمالي لبعض دول الثماني، وبالتالي فإن مساهمتها في النشاط الاقتصادي الدولي أعلى من مساهمة بعض دول مجموعة الثماني.

&ولذلك نستطيع القول بكل ثقة إن مشاركة المملكة العربية السعودية فى قمة مجموعة العشرين لم تأت من باب البترول كما يقول بذلك بعض المغرضين، بل أتت من خلال حجم الاقتصاد السعودي الذي صنف في المركز الثامن عشر على مستوى العالم ، كذلك استطاعت السعودية أن تدعم اقتصادها الوطني برؤية جديدة تتناسب مع الظروف التي يمر بها الاقتصاد الدولي.

&إن أكثر الناس تشاؤما قالوا إن قرارات مؤتمر قمة العشرين بأنها قرارات موفقة وتستطيع أن تنتشل الاقتصاد العالمي من الركود وتأخذه إلى التعافي من أمراض الكساد والفساد والانفلات، وحروب الإرهاب التي باتت تنتشر في أماكن كثيرة من العالم وتستنزف موارد الاقتصاد الدولي.&

ولعل أهم ما اتخذته القمة من قرارات هو أنها أكدت تطبيق قواعد جديدة للرقابة والإنذار المبكر عن الأزمات قبل وقوعها لكي لا يترك الاقتصاد العالمي ومؤسساته في مهب الريح، وإزاء ذلك أشادت القمة بأداء مجلس إحكام الرقابة على المؤسسات المالية والاقتصادية وتفعيل مبادئ الحوكمة والشفافية والنزاهة منعا لكل أشكال وألوان الفساد الإداري والمالي الذي استنزف أموالا طائلة فيما لا طائل له.

&وطبعا نحن السعوديون فخورون بأن تتبوأ المملكة هذا المنصب العالمي الرفيع، وتصبح عضوا فاعلا في مجلس إدارة العالم، لأن هذا الوجود بهذا الحراك يضع المملكة في المكان المناسب في الاقتصاد المناسب.

&

ولذلك فإن الوفد السعودي أعاد تذكير المؤتمر بما سبق أن نوه عنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حينما قال : ونحن مستمرون كذلك في القيام بدورنا في العمل على استقرار السوق البترولية، كما أننا واصلنا برنامجنا الاستثماري الضخم لزيادة طاقتنا الإنتاجية حرصا منا على استقرار سوق الطاقة العالمية ولقناعتنا بأن ذلك يخدم مصلحتنا ومصلحة الاقتصاد العالمي، وندعو الدول المنتجة والمستهلكة للتعاون معنا في هذا المجال وتفعيل الحوار بين المنتجين والمستهلكين لما فيه المصلحة المشتركة، وعدم استهداف البترول بسياسات تؤثر فيه سلبا. وحرصا منا على تفعيل الحوار، فقد بادرنا بالتعاون مع الدول الصديقة لإنشاء الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي في الرياض.&

ورغم إن جهود العشرين دولة كانت تبحث ـ بكل الإخلاص ـ عن حل لأزمة المديونيات، إلا أن الاختلاف على روشتة العلاج ستضع الاقتصاد الدولي في ورطة المحاولات، ولذلك فإن نتائج حل أزمة مديونيات دول الاتحاد الأوروبي سوف تكون في علم الغيب، ولكن ـ مع ذلك ـ فإن الألمانية أنجيلا ميركل تتحدى الأمريكان وتقول إن الاقتصاد الأوروبي سوف يتعافى ويتشافى بخفض الإنفاق الحكومي وليس بزيادة الإنفاق الحكومي!