&وزير خارجية لبنان يتهم الحكومة بالتقاعس عن إجراءات فعلية لمواجهة النزوح السوري

&

الأزمة وجودية وأخطر من أمنية والمطلوب إقفال المعابر الحدودية

سعد الياس

& يبدو أن الحكومة اللبنانية تذهب إلى نيويورك بموقف غير موحّد حول كيفية التعاطي مع مشكلة النازحين السوريين، وقد كشف هذا الامر وزير الخارجية جبران باسيل في الجلسة الختامية لمؤتمر الرابطة المارونية حول النزوح السوري متهماً الحكومة بـ «الهروب والتقاعس عن اتخاذ أي إجراء فعلي لمواجهة النزوح السوري»، كاشفاً أن لا جواب على موضوع اعادة النازحين إلى ديارهم، مشدداً على «ضرورة أن يأخذ البعض المبادرة بطلب عودتهم كي لا تثير المطالبة من قبلنا حساسية طائفية».

وجاء في كلمة وزير الخارجية «الشعب السوري ينزح والشعب اللبناني ينزف»، لافتاً إلى «أننا نجتمع اليوم لنقول كفى تهجيراً قسرياً وتغييراً ديموغرافياً في المنطقة. وإن الحل المستدام الوحيد لأزمة النازحين هي في عودتهم إلى وطنهم حيث لا مستقبل لمشروع توطينهم ولا أمل في تشريع اقامتهم الطويلة على ارضنا»، مشيراً إلى أنه «في الصيغة الأخيرة لاجتماع الأمم المتحدة حول أزمة النازحين هناك تأكيد على طوعية عودة السوريين إلى أرضهم، وهذا خطأ ويؤكد على محورية معاهدة جنيف الخاصة باللاجئين اضافة إلى عدم تطرقه إلى خصوصيات بعض الدول وعلى رأسه البنان».

ولفت باسيل إلى أن «ملاحظاتنا ليست وليدة اللحظة بل مبنية على مبادئ يلتزم بها لبنان رغم عدم توقيعه على اتفاقية جنيف ورغم تهرب الدول من مسؤوليتها. فقد زنّرت معظم الدول الأوروبية حدودها بالحديد ونقض اتفاقات شنغن»، موضحاً أنه «زادت مخاوفنا من جهة تقسيم النازحين على الدول ولجهة تقاسم الأعباء اذ ان الدول المانحة تقلل الهبات وتضاعف القروض والمآخذ عديدة على آليات عمل منظمات الأمم المتحدة ونتساءل عن أسباب تأخر المعالجة».

وأكد أن «لبنان وسط تجاهل متعمد يفتخر أنه الدولة الوحيدة بين دول مجموعة الدعم الدولية لسوريا التي تطرح الموضوع السوري في الاجتماعات الدولية»، معتبراً أن «اللامبالاة الدولية تجلت في طلب الجامعة العربية من لبنان دفع حصته لصندوق دعم السوريين داخل سوريا وخارجه وهو صندوق لم يتلق أي تمويل منذ انشائه».

ولفت إلى «أنني لا الوم المجتمع الدولي فالملامة هي لمسؤوليته الكبيرة في اندلاع الحرب وعدم اعتماده عودة النازحين إلى بلدهم كركن أساسي له الأولوية في خريطة الطريق السياسية».

وحمّل مسؤولية الأزمة إلى «الحكومة اللبنانية وإلى اللبنانيين لأنهم يتلكأون في اتخاذ الاجراءات اللازمة».

وقال «عند اندلاع الأزمة نبهنا من مخاطر تداعياتها، حينها رد الشركاء بتوسيع الحفرة حتى يخفون رؤوسهم ومعها الحقائق الموجودة في الأرقام حول أعداد النازحين الداخلين إلى لبنان»، مشدداً على «ضرورة وضع حد للفوضى في ادارة الأزمة ونبهنا من مخاطرها الاجتماعية والأمنية فإتهمنا بالعنصرية والتنكر لواجباتنا الإنسانية وهذه اتهامات باطلة نضعها في اطار الرد الفاشل على حرصنا على لبنان وميثاقه».

وأكد أنه «لا يمكن للبنان أن يستمر بهذا الملف بدون اعتماد خطة عملية وجريئة لوضع حد للفوضى»، معتبراً أنه «انطلاقاً من ادراكنا ان لبنان لن يستطيع تغيير السياسات الدولية بشأن اللجوء والهجرة لكن بمقدوره تغيير نظرة الدول لواقعه وسنقترح مجدداً تعديلاً على الاعلان عن اجتماع نيويورك يأخذ بعين الاعتبار خصوصية لبنان».

واعتبر أن «الأزمة ترتب علينا الترفع عن المزايدات السياسية لأنها أكثر من اقتصادية وأكبر من سياسية وأخطر من أمنية، وهي أزمة وجودية تهدد المجتمع والدولة والهوية وبات الوضع لا يحتمل التباطؤ او الاسترسال في الطروحات التي يغلب عليها الشعر ويغيب عنها المضمون العملي. وبات الوضع يستدعي الاستعجال في اعتماد خطة وطنية واضحة قدمناها منذ أشهر وناقشناها تباعاً في الاجتماعات الوزارية المختصة بشؤون النازحين واكتشفنا انها طارت ولم يبق منها شيء سوى اوراق وردود وهي اقل ما يقال عنها انها هروب وتقاعس مكرر من الحكومة اللبنانية باتخاذ اي اجراء فعلي لمواجهة النزوح السوري».

وطالب باسيل بـ «اقفال المعابر الحدودية أمام عمليات الدخول الجماعية والمباشرة فوراً بمسح شامل للوجود السوري في لبنان تقوم به الاجهزة المعنية بالتعاون من الهيئات الدولية المعنية باعتماد التمييز بين الاقامة والاعانة والتشدد في تنفيذ قوانين العمل لتوقيف المخالفين والتشديد على ان قبول المساعدات الإنسانية يكون بالتساوي مع حجم المساعدات التنموية».

وإعتبر وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس» أن نسبة اللجوء السوري إلى لبنان هي الاعلى بالعالم وفي التاريخ»، مؤكداً أن «اللجوء كارثة وقعت على لبنان والبلدان المجاورة وعلى الشعب السوري ويجب ان نتعامل معها كما نتعامل مع الكوارث «. ورأى « أن المجتمع الدولي تعاطى بلامبالاة مع أزمة النزوح»، مشيراً إلى أن «الانفاق على سوريا بلغ مئات مليارات الدولارت اغلبها صرفت لقتل الشعب السوري»، مناشداً المعنيين رفع القتل عن هذه الشعب. وشدد على أنه «ليس في القاموس اللبناني اي وجود لكلمة توطين وأي حديث عن ذلك يعني ان الكيان سيتعرض للاهتزاز».

وأكد رئيس «الرابطة المارونية» انطوان قليموس أنه «حين يكون لبنان هو المعني نكون لبنانيين قبل ان نكون موارنة»، معتبراً أنه «مهما اختلفنا مع الدولة او عليها ولكن لا يمكن ان نسمح بإسقاطها»، لافتاً إلى أنه «لا العروبة التي ننتمي اليها ولا حقوق الإنسان التي نقدسها تسمح بمسح لبنان نتيجة أزمة النزوح السوري».

وأكد «أن أزمة النزوح السوري ومواجهتها تأتي في رأس اولويات الرابطة المارونية»، مشيراً إلى أن «المؤتمر افضى إلى أن الحكومة اللبنانية متقاعسة».وطالب قليموس الحكومة اللبنانية باستعادة المبادرة لادارة ملف النازحين ورفض مبدأ العودة الطوعية»، لافتاً «إلى ضرورة حصر مرور المساعدات المالية للنازحين عبر الخزينة اللبنانيية على ان لا يتم صرف المال الا بعلم الجهة المانحة»، داعياَ إلى «ضبط الحدود اللبنانية السورية لمنع دخول المزيد من النازحين».

ولفتت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ إلى اننا «نعرف أن السوريين لن يتخلوا عن ديارهم بشكل اختياري بل فروا بشكل غير طوعي لان الامن غاب»، مشيرة إلى أن «11 دولة في العالم تستضيف اكثر من 50 بالمئة من اللاجئين في العالم ولبنان هو الأكثر تأثراً لذا لبنان في وضع فريد وهش، ومجلس الامن ومجموعة الدعم للبنان اعترفوا بذلك مراراً وتكراراً».

وأوضحت «ان المجتمعات اللبنانية النظيفة هي في الصف الامامي للدعم والمساعدة للكرم والاستضافة، فما من نسيج اجتماعي بمنأى عن الضغوط المماثلة، وكما سبق وقلنا فإن اللاجئين السوريين موجودون في لبنان والأردن وتركيا ودول أخرى والحل لذلك يندرج ضمن اطار حل سياسي للأزمة السورية»، مشيرة إلى ان «وزير الخارجية الامريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف توصلا لوقف الأعمال العدائية تمهيداً لاستئناف المفاوضات في جنيف من اجل التوصل لحل سياسي».

وأكدت أن «اللاجئين تواقون للبوادر الأولى ولتباشير الحل للعودة إلى ديارهم والأمم المتحدة لن تدّخر جهداً من أجل العمل لتأمين البيئة والظروف لإعادة الأمن المستدام والعيش المشترك»، لافتة إلى انه «تم توظيف 6 ملايين دولار في لبنان لكن الدعم الإضافي مطلوب ولا بد من مواكبة التطورات ورفع التحديات التي تمثل امام لبنان على اكثر من جبهة».

اما سفيرة بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن فأكدت «أن لبنان يستضيف اكبر عدد من اللاجئين في العالم وهو ويوفّر المساعدة لهم بالرغم من أزماته».

وشددت على أننا «كأتحاد أوروبي ملتزمون بمساعدة لبنان سياسياً واقتصادياً وامنياً «، مؤكدة اننا «حريصون على استقرار لبنان وحريصون على المجتمعات اللبنانيية المضيفة للاجئين».واشارت لاسن إلى أن «الإتحاد الأوربي يعمل على حل النزاع في الأزمة السورية وإعادة الإعمار وعودة النازحين».