&معز الخليفي&

أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن مسلمي أوروبا يعانون التشتت، مشبهة ذلك بالصراع الدائر بين الدول الأوروبية نفسها كفرنسا وبريطانيا، والتي تتصارع حول مواضيع الثقافة، والهجرة، وتناقض النماذج بين الدين والدولة.

ووصفت الصحيفة في تقرير للكاتبة المتخصصة بالشؤون الخارجية ناتالي نوجايريد، أن السكان الأوروبيين المسلمين ينقصهم التواصل والوحدة فيما بينهم، الأمر الذي خلق مشكلة لأوروبا قاطبة، وأغرقتها في مواضيع هستيرية حول الإسلام.

وأشارت الكاتبة في سياق تقريرها إلى النقاشات والانطباعات حول اللاجئين في أوروبا، مثل التفكير في مشكلة زيادة تكدس السكان، والخوف من الإرهاب، لافتة إلى أن هذه النقاشات والمجادلات قللت من مواضيع أخرى ذات أهمية كالعلمانية، وحرية اللباس داخل المجتمع.

&حق العبادة

أوضحت الكاتبة، أنها التقت المفتي العام لدولة سلوفينيا نضاد جرابس، في مؤتمر حول السلام في النمسا، مبينة أن جمهورية سلوفينيا تضم 2 مليون مسيحي كاثوليكي، يعيش بينهم 50 ألف مسلم، ويتم بناء أول مسجد لهم في البلاد حاليا في العاصمة ليوبليانا، كما أن بناءه يحتاج إلى موافقات سياسية وإدارية، الأمر الذي أيدته محكمة محلية، ورفضت تجاهل حقوق بناء أماكن مخصصة للعبادة في البلاد، باعتبار أنها تدخل ضمن نطاق الحرية الدينية فيها.

وأضافت نوجايريد، أن المفتي جرابس أوضح في سياق حديثه المعاناة التي يواجهها مسلمو أوروبا، بحيث إنهم يحتاجون لإقناع الناس من حولهم أنهم لا ينتمون للأفكار المتطرفة والإرهابية، مضيفا "أن الإسلام في أوروبا يعد مرتبطا بحضارتها، ولا يرتبط بأية أداة من المعتقدات الجديدة المتطرفة في هذه القارة، بالرغم من وجود مظاهر جديدة تنتمي إليه".

حقائق مغيبة

تساءل المفتي جرابس- وفقا لنوجايريد - كم من الناس يعلمون أن أول مسجد تم بناؤه في فرنسا كان عام 1920، وتحت السلطة العلمانية الحاكمة آنذاك، كإكرام وتحية للمسلمين الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى، وكم من الناس يعلمون أن الإمبراطورية النمساوية المجرية تحت حكم هاسبورج، اعترفت بالدين الإسلامي كدين رسمي للبلاد عام 1912، وكم منهم يعلم أن عالم الاجتماع ابن رشد، كان أوروبيا مسلما وولد في قرطبة، عندما كانت الأندلس تحت حكم العرب، مشيرا إلى أن اختلاط الإرهاب والتطرف، قضى على مفهوم تلك التعددية في أوروبا، واختلاطها مع الكثافة السكانية المسلمة.

وقالت الكاتبة "إنها التقت العضو في الاتحاد التركي الإسلامي في ألمانيا مراد كايمان، وأوضح أن المواقف تجاه المسلمين ازدادت وتيرتها حاليا أكثر من أي وقت مضى، من قبل المعادين للإسلام والعنصريين"، في الوقت الذي تستقبل ألمانيا حوالي مليون لاجئ معظمهم من العالم العربي قدموا إليها عام 2015، وهو الأمر الذي يزيد من الخوف والقلق من تزايد الهجمات الإرهابية في البلاد.

&أكثر الشعوب تجانسا

وترى الكاتبة أن "أوروبا باعتبارها محطة التقاء للحضارات والأوطان، فإن كثافة سكان مسلمي أوروبا المتعددة، تختلف بتقادم تاريخهم فيها، وهذا الشيء واضح، لكن الشيء الذي يجب إهماله هو النقاشات التي تطرأ حول الإسلام، والهجرة، والهوية السياسية"، مستشهدة في ذلك بما ذكره المؤرخ توني جادت، من أن "الأوروبيين في الوقت الحالي أكثر الشعوب تعدادا وتجانسا".

ويخلص التقرير إلى أن المجتمعات الأوروبية يتعين عليها أن تتعايش مع التعددية الناشئة، التي سوف تحدد في النهاية مقدار الديمقراطية فيها، ويجب النظر في الاختلافات بين المسلمين أنفسهم، وأنهم ليسوا كتلة متجانسة، لأن ذلك يؤدي إلى فهم أعمق لهذه الظاهرة.

&