تسيل أم زيه (النمسا) ـ من من كيرستي كنول ـ في الوقت الذي تعاني فيه المنتجعات الساحلية في فرنسا من صراع للثقافات بسبب زي البحر “البوركيني” الذي ترتديه النساء المسلمات تشهد بلدة سياحية في جبال الألب بالنمسا زيادة في استقبال السائحين من ذوي الزي الإسلامي الذين يستمتعون بالسير على ثلوج الصيف البكر.

وتمثل الجبال العالية والغابات الكثيفة والبحيرات النقية مصدر جذب كبير للمسافرين من السعودية والإمارات وسلطنة عمان الذين يهجرون الطقس العربي الحار كل عام من أجل هواء الألب البارد.

وقال سلطان (25 عاما) الذي يعمل في أحد المطارات وجاء ليقضي شهر العسل مع عروسه مروة بينما كانا ينظران عبر نافذة قمرة قطار معلق إلى نهر جليدي على ارتفاع 3000 متر “المكان هنا جميل جدا ومتنوع وليس حارا مثل مسقط. لقد أعجبنا.”

وينطق سلطان وعروسه اسم البلدة “سيلامسي” في تقريب إلى التحية العربية “سلام”.

لكن في بلد على وشك أن ينتخب رئيس دولة من أقصى اليمين فإن رؤية النساء المحجبات مع عائلاتهن مرتدين سترات التزلج وسعداء بزلاجة صغيرة تسير فوق نهر جليدي هو مشهد لا يلقى ترحيبا من الجميع.

ومثل كثير من السائحات العرب تضع مروة (21 عاما) التي تعمل صيدلانية الحجاب بينما تضع أخريات النقاب وهو شيء يجده كثير من النمساويين غير مقبول.

ودعا حزب الحرية المناهض للإسلام -والذي يأمل مرشحه نوربرت هوفر في أن ينتخب كأول رئيس دولة من أقصى اليمين في الاتحاد الأوروبي قبل نهاية العام- إلى حظر النقاب.

كما وصف وزير خارجية النمسا -وهو من حزب الشعب المنتمي لتيار الوسط- النقاب بأنه رمز “لمخاصمة المجتمع″ يعوق الاندماج.

أهلا بالمال

لكن في تسيل أم زيه يخشى السكان المحليون الذين يعتمدون على السياحة من أن يؤدي فرض حظر مثل الذي فرض في شواطئ فرنسا إلى إقصاء العرب الذين يأتون بأعداد كبيرة تماثل أعداد الألمان الذين يأتون في الصيف لكن مع فارق أن العرب ينفقون أكثر كثيرا.

وقال أندرياس شيرنثانر الذي يدير متجر هدايا يبيع الدمى والحلوى لزبائن من المسلمات المنقبات يأخذنها هدايا للأقرباء في بلادهن “فرض حظر على النقاب لن يكون أمرا جيدا للمنطقة.”

وهناك أكثر من 40 فندقا و60 مطعما في تسيل أم زيه يرحبون تماما بمسافرين مثل سلطان ومروة الذي عوض إنفاقهما تراجع العائدات التي انخفضت بنسبة 30 بالمئة منذ بدء ابتعاد السائحين الروس عن البلدة بسبب تراجع قيمة الروبل.

وتشير أرقام مكتب الإحصاءات النمساوي إلى أن العرب يشكلون أكثر من 20 بالمئة من شاغلي الفنادق في الفترة من مايو أيار إلى يوليو تموز في نسبة تقارب نسبة الألمان الذين يشكلون عادة نحو ربع الضيوف.

ويبلغ معدل الإنفاق اليومي للزائر العربي 225 يورو (252 دولارا) مما يضعه في المركز الثالث بعد السائح الأمريكي والياباني لكنه يختلف عن الآخرين في أنه يأتي بعائلة كبيرة معه. وينفق السائحون الألمان في المتوسط 133 يورو يوميا.

ورغم أن إنفاقهم للمال مرحب به من حيث المبدأ إلا أن صدام الثقافات أدى إلى صعوبات مبدئية وشكاوى من السكان المحليين في تسيل أم زيه.

عادات

وأثار منشور أصدرته هيئة السياحة المحلية يطلب من العرب عدم المساومة على أسعار البضائع وعدم الطهي في غرفهم والحد من القمامة جدلا في وسائل الإعلام قبل عامين لكن المشاعر هدأت منذ ذلك الحين.

وقال أندرياس ليديرير مالم أحد الفنادق التي يمثل العرب أكثر من نصف نزلائه في الصيف “إنها عملية تعلم متبادل.”

وحتى حزب الحرية -الذي يقود موجة من الدعوة للقومية الأوروبية بسبب مخاوف من التشدد الإسلامي والأعداد الهائلة من اللاجئين السوريين المتوافدين على الاتحاد الأوروبي- حريص على عدم إجهاض سوق السياحة المربح.

وقال الرئيس المحلي للحزب كرت كرانابيثر إن عادات ملابس النساء المسلمات أصحبت أكثر تحررا. كثير من النساء اللاتي كن يرتدين النقاب في السنوات الخمس الماضية ترتدي الآن الحجاب وهو ملاحظة أكدها مالك متجر الهدايا شيرنثانر.

وقال كرانابيثر “لهجة العداء للإسلام ليست ضمن جدول الأعمال هنا.”

وأضاف “هي قضية كبيرة في المدن الكبيرة التي يتعين عليها التعامل مع طالبي اللجوء.”