&سمير عطا الله&&&

في اليوم الذي قيل إن الخوف من قاموس دونالد ترامب هو أن يتحول إلى عدوى عالمية، كان رئيس الفلبين رودريغو دوتيرتي يصف الرئيس أوباما بأنه «ابن بائعة هوى». وألغى أوباما لقاءً مقررًا مع الرئيس البذيء، لكنه اكتفى من التعليقات بالقول إن هذه «عادة قديمة»، عند الرجل الذي يحكم بلاد الجزر منذ يونيو (حزيران). من الواضح أن سفاهة ترامب قد سهّلت على السفهاء استخدام لغتهم. لكن دوتيرتي ليس متهمًا بالبذاءة، إنما بأنه أصدر الأوامر بقتل 752 مشبوهًا بتجارة المخدرات منذ شهر يوليو (تموز) حتى الآن.

إذا كان تجار المخدرات ومروِّجوها يستحقون الإعدام، فليس برصاص الرئيس أو شرطته السرية. هناك مشكلة مخدرات هائلة تواجه الفلبين، وقد يشعر حاكم، أو رئيس أمن، بأن استفحال الكارثة لم يعد يحله قضاء بطيء أو محاكم ملتوية، وبالتالي فإنه من أجل إنقاذ سريع للبلاد، لا بد أن ينفذ القانون بيديه وبالوسائل غير الشرعية المتوافرة ضمن سلطته. غير أن قانون الأدغال لا يُستبدل بقانون الغابات. لقد وُضعت القوانين من أجل أن تسري أولاً على رجالها. وإذا ما فقد القانون صدقه، فَقَد عدْله. وربما أدّى التواطؤ في مطاردة المجرمين والمرتكبين إلى تفشّي وتغلغل العصابات الإجرامية، كما هو حال المافيا في إيطاليا وفي الولايات المتحدة. لكن الذي أدى إلى انحسار أحجامها في العقود الأخيرة، هو محاربتها من خلال القانون، وليس من خلال استخدامه بطرق غير شرعية.

يبقى أن الرئيس الفلبيني شخصية مثيرة للجدل والتساؤل. وقد ينسى أوباما الإهانة التي وجهت إليه باعتبارها أتت من رجل معروف ببذاءته. لكن المشكوك فيه أن تمرر بعض المؤسسات الأميركية شتيمة من هذا النوع لرئيس البلاد. ونذكر جميعًا ماذا حدث لرئيس بنما الجنرال مانويل نورييغا عندما أهان الولايات المتحدة، وهو عميل سابق لها وتاجر مخدرات. فقد انتهى بنقله من بلاده بالقوة إلى سجن منسي في فلوريدا، ولما اعتقد أنه أمضى عقابًا كافيًا، واحدودب ظهره والتوى كتفه، قيل له إن سجن فلوريدا قد انتهى، لكن عليه أن يمضي بقية العمر في سجون فرنسا.

يمثُل دوتيرتي الآن أمام مجلس الشيوخ الفلبيني، ويشهد في قضيته عُتاة المجرمين من يدّعون أنه كلفهم شخصيًا بتصفية ضحاياه. ولا يعرف أحد مدى وسع هذا الباب. ولا وسع الباب الذي سيفتحه الإعلام الأميركي صحفًا ومحطات. ولم يكتفِ دوتيرتي الذي يفاخر بمنظره الخشن، بالكلام الذي قاله عن أوباما، بل طالب الولايات المتحدة أيضًا بسحب قواعدها من «شرق الفلبين». ولا أعرف ما هي الحكمة من اختيار الشرق، وليس الغرب أو الجنوب، لكننا نعرف أن مثل هذه المطالب لا تلقى صدى طيبًا «عند الدوائر المختصة» في الولايات المتحدة. الذي لديه عمال من الفلبين من أصدقائنا، سوف يسمعهم بعد الآن يكثرون من الكلام والهمسات، وسوف يكون الموضوع واحدًا، فخامة الرئيس دوتيرتي.

&

&

&

&