&سمير عطا الله&&&

عام 1991 عُقد ما سمي مؤتمر مدريد برعاية الدولتين الكبريين حول سلام الشرق الأوسط. لكن اللقب لم يكن دقيقًا. فقد تصرف الأميركيون كأن الدولة الروسية لا وجود لها. وتصرف ميخائيل غورباتشوف كأنه شديد الامتنان، لأن بوش الأب تذكر أن يدعوه إلى الحضور.

في المفاوضات حول سوريا، تبدو موسكو في الدور الأقوى منذ أوائل الستينات عندما كان نيكيتا خروشوف يهدد جون كينيدي في قمة باريس أو فيينا، وعندما كان وزير خارجيته أندريه غروميكو يعرض على نده الأميركي «الوجه الناشف» الذي لا يبتسم لشيء. وبعدما كانت أميركا تملك 99 في المائة من أوراق الحل، الآن يدعو بوتين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والخارج على السلام نتنياهو إلى الاجتماع برعايته.

الفراغ الذي تركه، أو أحدثه أوباما، ملأه بوتين في كل مكان، بما في ذلك تركيا حليفة واشنطن التاريخية وخصم روسيا المقلق. وبعدما كان العالم يقف على خاطر واشنطن في قضاياه، أصبح يتحرز مما يريده الكرملين. وللمرة الأولى منذ عقود تغير التوازن لصالح روسيا، مدعومة كليًا من الصين، بعدما كانت عدوتها أيام السوفيات. وقد تخلى أوباما عن الحلفاء التقليديين في الشرق الأوسط، بما فيها السربلة والبلبلة في تركيا، فما كان منهم إلا أن زادوا انفتاحًا على روسيا والصين. وناشد البريطانيين خلال زيارة لندن عدم الخروج من الوحدة الأوروبية، فسارعوا إلى الخروج. وتحت أجفانه ضم الروس القرم، وحرب أوكرانيا لم تنته إلى اليوم.

لكنه نجح في إعادة الديمقراطية إلى ميانمار. ونسي أن يذكر في خطابه الأخير أمام الأمم المتحدة أنه كان الأكثر وعودًا في الشرق الأوسط والأكثر إهمالاً. لكن دائمًا الأكثر فصاحة. كلمات، كلمات، كلمات، على ما قال شكسبير وغنت داليدا بعد قرون.

لماذا نحمل على أوباما في أشهره الأخيرة؟ لأنه ملأنا أملاً في أيامه الأولى. ولأنه زاد في خلخلة المنطقة بسبب إقدامه الطائش وإحجامه البليد. تصرف كأن مصر والعراق وسوريا مختبرات يتعلم فيها السياسة. كانت مساهمته في محاربة «داعش» أول الأمر 50 مستشارًا، فيما أبلغنا وزير خارجيته أن محاربتها تتطلب خمس سنوات.

أولاً وأخيرًا، الرئيس الأميركي مسألة أميركية وتاريخ أميركي. والسيد أوباما يمنن العالم في خطابه الأخير أنه رب عائلة جيد. إذن ثلاث مفاخر: المصالحة مع كوبا، وديمقراطية ميانمار، وتربية الابنتين.

&&