&عبده خال

كانت عيوننا تترقب المماحكات العنيفة الدائرة حول إمكانية إدخال بلادنا في خانة الدول الراعية للإرهاب، لو تم تمرير قانون (العدالة ضد رعاة الإرهاب) مع أن الوقائع والمستندات التي تمت مراجعتها من قبل الكونجرس الأمريكي لم تثبت أي دعم حكومي لهجمات 11 سبتمبر.

وفيما كنا نحتفل بالعيد الوطني، كنا نتقلد الوطن كوجود نفديه بقلوبنا، ونعلم أن ثمة حزما من المخاطر تواجهه، وخططا تدفعه إلى مواقع الشد والجذب، واستهداف من خلايا إرهابية وجماعات إسلامية حركية وأزمات اقتصادية وحرب دائرة وتأهب على الحدود، ومع كل هذه المخاطر عبرنا اليوم الوطني فرحا بكيانه وبشعبه.

وفي نفس ليلة فرحتنا بوطننا كان الرئيس الأمريكي أوباما يستخدم حق النقض (الفيتو) ضد قانون «جاستا»، هذا القانون الذي أرهقنا في الميدان السياسي طوال الشهور الماضية، ومع أن التهم (مفبركة) كانت السياسة الخارجية السعودية تضدها وتثبت في كل حين بطلان مزاعمها إلا أن الاستهداف كان قائما (وما زال)..

وجميع القلوب السوية تعاطفت مع ضحايا هجمات 11 سبتمبر والجميع يطالب بأن يخضع كل معتد للقضاء والاقتصاص منه، وإذا كان الرئيس أوباما تنبه (وقبله الكثيرون) إلى أن قانون «جاستا» يخل بالمبادئ الدولية المعتمدة منذ فترة طويلة بشأن الحصانة السيادية والتي يمكن أن تلحق الضرر بالحصانة السيادية للولايات المتحدة نفسها، فهو يعلم تماما أن هناك عشرات المظلوميات سوف تنهض من رقدتها لمحاكمة أمريكا في ما تسببت فيه من دمار للدول وقضت على ملايين وشردت ملايين من البشر..

وفي رسالته أيضا تنبه أيضا أن «مبادئ الحصانة السيادية تحمي الأمن الأمريكي والقوات المسلحة والمسؤولين والمتخصصين من إجراءات المحاكمة الأجنبية».

أي أن ثقل مسؤولية أمريكا في ما يحدث في العالم يجعلها هي من يتمسك بالسيادة كحصانة تقيها من المساءلة..

كما أن القانون الأمريكي حدد الدول الراعية للإرهاب ضده بعد احداث مداولات متأنية بين المختصين بالأمن القومي والسياسة الخارجية والاستخبارات وليس كما أراد الكونجرس إلباسنا تلك الثياب.

وتستغرب تماما من التقارير الإعلامية التي أعلنت أن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ورئيس مجلس النواب بول ريان سيتجاهلان الفيتو ضد قانون (جاستا) وسينظمان تصويتا قبل نهاية الأسبوع المقبل من أجل مواصلة سن القانون.

فهل يسعى زعيم الأغلبية أو رئيس مجلس النواب الانتصار الوقتي للحزب الجمهوري أمام الديموقراطيين في قضية وطنية تؤدي إلى هتك السيادة الأمريكية من أجل الانتخابات الرئاسية القادمة؟

وإذا تم التصويت على فرض قانون (جاستا) هل هذا يعني معاودة السياسة الخارجية السعودية إفهام الشعب الأمريكي بخلو ثيابنا من دم يوسف؟

وإذا خسر التصويت إقرار القانون وفاز ترامب (الجمهوري) في الانتخابات المقبلة، هل علينا ترقب معاودة شن حملة ضد بلادنا؟

أسئلة تقف حائرة ومع ذلك علينا أن لا نركن لكل المحاولات التي تسحبنا إلى مواقع الشد والجذب وأن نعمل من أجل مصالحنا الوطنية فليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم في السياسة.