&عمرو عبد السميع

خبران لفتانى منذ أيام، أولهما يتعلق بتصريح حيدر العبادى رئيس وزراء العراق بأن وجود تركيا فى شمال بلاده يعرقل جهود العراق ضد داعش، والخبر الثانى يتعلق بسوريا وهو متعلق بترافق قوات الجيش السورى الحر والقوات التركية فى الهجوم على داعش وصولا إلى مدينة «الباب».. هل نحن أمام تناقض؟ أم أمام دولة تضرب فى عدة اتجاهات متعارضة لمجرد وجود دور لها، وهو ما يشبه قيام الولايات المتحدة الأمريكية بمرافقة قوات سوريا الديمقراطية الكردية فى هجماتها ضد داعش وهذا أمر يدخل مباشرة فى خانة العداء ضد تركيا، ثم تعلن واشنطن أنها ترحب بالأداء التركى الحاسم فى شمال سوريا.

هذا ليس تناقضا، ولكن الحروب فى هذه المنطقة يبدو أنها أصبحت بالقطعة، أو لمحاولة إيجاد دور فحسب وصولا إلى الأهداف النهائية للدولة، يعنى تركيا تريد منطقة آمنة معزولة فى شمال سوريا، وهى تحاول تحقيقها بكافة الوسائل حتى لو بدت لنا متناقضة، والولايات المتحدة تريد تقسيم دول المنطقة على نحو أعدت له سلفا، وهى إذ تستعد لمعركة الموصل تطلب من العراق ضرورة التنسيق بين بغداد وأربيل وواشنطن فى هذه المعركة لأنها قررت منذ بداية البدايات تقسيم العراق إلى دولة كردية فى الشمال وشريحة صغيرة للسنة فى الوسط ودولة كبيرة للشيعة فى الجنوب، وتركيا تريد وضع حد لتمدد الشيعة المؤيدين من إيران، وتريد محاربة حزب العمال الكردستانى وضرب حلم الدولة الكردية فى سوريا والعراق وإيران وتركيا، وهى فى ذلك تتخطى مطاردة حزب العمال الكردستانى إلى ضرب الأكراد ككل، ثم ـ فى النهاية ـ تركيا انقلبت على داعش وصارت تتصادم معها وتمنع مرورها عبر الأراضى التركية بل وتتعرض لهجمات من داعش داخل أراضيها.

وتركيا تنسق حربها ضد الأكراد والشيعة المؤيدين من إيران وداعش فى كل مرحلة من مراحل الأزمة بما يخدم هدفها النهائي.

لم يعد هناك مبادئ أو مثل عليا هى التى تحكم الموقف وإنما أصبحت الحروب الصغيرة القذرة وسيلة فى زمن شحبت فيه الإرادة الوطنية.