&عبدالله عبيد حسن

تكتسب الدورة الحادية والسبعون لاجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أهمية خاصة، ليس بسبب الحضور المتميز بمشاركة عدد كبير من قادة الدول الأعضاء، أو بسبب كونها الدورة الأخيرة التي تنعقد في عهد الأمين العام للأمم المتحدة باني كي مون الذي سيتقاعد في منتصف العام القادم (ترشحه بعض الأخبار لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية في بلده كوريا الجنوبية).. وإنما تكتسب هذه الدورة أهميتها الخاصة من كونها تضع في مقدمة أجندتها موضوع اللاجئين، لذلك صح أن تصفها أجهزة الإعلام بأنها دورة اللاجئين بشكل عام واللاجئين السوريين بشكل خاص.

وبالنسبة إلى كندا التي بدت الأكثر سخاءً وكرماً حيال اللاجئين، فهي تنظر الآن في خياراتها الأخرى وما ستقدمه للاجئين، وقد أصبح معلوماً أنه من بين هذه الخيارات الأخرى تفعيل البرنامج الكندي لإشراك المواطنين الكنديين (أفراداً ومنظمات أهلية) في التبرع (التطوع) من أجل استضافة لاجئين. وقد قام المجتمع المدني الكندي في المرحلة الأولى باستقبال ستة آلاف أسرة سورية حتى يونيو الماضي.

إن مساهمة الرئيس الكندي في هذه الدورة في النقاش المستمر حول أزمة اللاجئين أكسبت كندا مزيداً من الاحترام وأكدت التزام حكومته بالوعد الانتخابي لشعبه بأن كندا في عهده ستعود إلى مواقفها وسياستها التاريخية، عضواً فاعلاً ونشطاً في المجتمع الدولي، مدافعاً عن حقوق الإنسان، ملتزماً بالعمل الجاد من أجل السلام وإنهاء الحروب الأهلية التي هي السبب الرئيسي لأزمة اللاجئين والنازحين المتفجرة منذ نهايات القرن الماضي، ليس في العالم العربي وأفريقيا فقط، بل في آسيا وبعض الدول الأوروبية أيضاً (أوكرانيا ويوغسلافيا السابقة).

لم تقتصر مساهمة كندا في دورة اللاجئين على توضيح الموقف الكندي الرسمي والشعبي نحو اللاجئين، بل صحب ذلك الفاعل المؤثر. فقد أعلن رئيس الحكومة الكندية أن بلاده ستوفر نحو خمسة وستين مليون دولار إضافية لميزانيتها المخصصة لمساعدة ضحايا الأزمات الإنسانية، وأنها سترفع ميزانيتها للعون الأجنبي بنسبة 10٪، لمساعدة أطفال النازحين في العودة إلى المدارس. وقد وجدت دعوة «جاستن ترودو» الدول الأعضاء في نادي الأقوياء إلى التفكير والبحث عن مساهمات أكثر لحل أزمة اللاجئين، قبولاً حسناً منذ البداية.

وقد أعلن وزير الهجرة والجنسية الكندي أن ثلاث عشرة دولة أعلنت أنها ستسهم في برنامج أهلي عالمي للمشاركة في نفقات اللاجئين، على غرار البرنامج الكندي الناجح، وقال الوزير إن من بين هذه الدول حكومة المملكة المتحدة.

وأضاف أن كندا والأمم المتحدة (المفوضية العليا للاجئين) والبليونير جورج سوروس سيعلنون عن مبادرة جديدة يسهم فيها المجتمع الأهلي العالمي لاستقدام مزيد من اللاجئين وتوفير الإقامة والرعاية لهم على النحو الجاري في كندا الآن.

إن أزمة اللاجئين ليست أزمة سورية، وإن كان عنوانها الآن سوريا، لكنها أزمة منبعها وسببها هذا النظام العالمي المختل الذي شارك في خلق الأسباب التي توفر المناخ السيئ للحروب والأزمات الوطنية، والذي شارك في أكثر من حالة في إشعال فتيل الحروب الأهلية لتحقيق أغراضه ومصالحه الوطنية هناك.

وسيستمر النقاش حول أزمة اللجوء العالمية بعد انفضاض الدورة الـ71 للجمعية العمومية للأمم المتحدة. وإن المرء ليرجو أن يكون النقاش في هذا الموضوع نقاشاً مثمراً ومفيداً، يساعد على حل أكبر أزمة إنسانية واجهت المجتمع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية.