علي سعد الموسى 

في تقريرها الاعتيادي السنوي الشهير، تذكر صحيفة "دي فيلت" الألمانية أن الولايات المتحدة الأميركية والسعودية سجلتا في عام 2016 أدنى نسب غير متوقعة في قدرة خلايا الإرهاب على اختراق المنظومات الأمنية لهذين البلدين، رغم أنهما على رأس الاستهداف الأعلى من بين دول الكون في أجندة الخلايا الإرهابية المتطرفة. يذكر تقرير الصحيفة أن السعودية سجلت في عام 2016 أدنى نسبة تسجيل للحوادث الإرهابية بالمقارنة مع حوادث السنوات العشر الأخيرة. وبحسب التقرير، فإن اللافت في الحالة السعودية هو انحسار قدرات هذه التنظيمات المختلفة على الميدان السعودي، وتحولها من حالات الخلايا المترابطة إلى الأعمال الفردية الإرهابية، وهذا دليل واضح على قدرة السعودية على إحداث الشلل الكامل لمفاهيم الشبكة في هياكل هذه الخلايا.
يعيد تقرير الصحيفة الألمانية نجاح الأنموذج السعودي إلى معاملين. الأول، أن السعودية استطاعت، وعبر آلاف المقبوض عليهم، بناء بنك معلومات عملاق وقوي، ثم استطاعت، وهذا مهم وجوهري، توظيف ما أسمته "نهر" معلوماتها الهائل في التنبؤ والتوقع لكل أشكال هذه الخلايا، ومن ثم تخيل أساليبها المستقبلية. وهي بهذا، وتبعا للتقرير، استطاعت أن تجعل من خلايا الإرهاب مصدرا معلوماتيا لبعضها البعض، وفي حالات كثيرة جدا تركت تنظيمات الإرهاب تصحو على الحقيقة أن بعضها يكشف خطط البعض الآخر، مما أفقد الشبكات ثقتها البينية وأجبرها على الهروب لا من القبضة الأمنية فحسب، بل من الخوف الداخلي، وهواجس الشك والريبة بين أفراد هذه الخلايا الواسعة. 
في المعامل الثاني، يعيد التقرير نجاح وزارة الداخلية السعودية إلى اعتمادها على منظومة تقنية مدهشة لم تتردد أن تصرف عليها ملايين الدولارات، وهي التقنية العالية التي استطاعت فيها السعودية أن تتسلل عبرها إلى آلاف الخيوط الإلكترونية في مطاردة "سايبرية" مع كل أصناف وخلايا الإرهاب. يذكر التقرير وللدهشة: الاختراق التقني السعودي لخلايا الإرهاب لا يشبه إلا اختراقها المعلوماتي، لأنه أيضا أصاب مفاصل تواصلها الإلكتروني في مقتل، وجعلها في حيرة كبرى بين تحديد شركائها في ذات الخلايا وبين خيوط اختراق ذات التنظيمات. هذا الاختراق الإلكتروني السعودي هو من شلّ ثورة التواصل الإرهابي عبر استخدام التقنية، وأعادها إلى طرقها التقليدية العقيمة التي مزقتها إلى أفراد بدلا من الهرمية الجماعية التي سادت عليها لفترة من الزمن بفضل الإلكترون. يذكر التقرير هذه المعلومات المثيرة للفخر وأيضا للدهشة: في حالتي إرهاب كبريين على الأرض الألمانية، أعطت الداخلية السعودية تحذيرها المسبق للسلطات الألمانية عن الخلايا المتحركة التي ثبت فيما بعد أنه لا علاقة لها أبدا بأي خلية على الأراضي السعودية. كلا التحذيرين جاءا من معلومات من البنك الأمني الإلكتروني السعودي الذي انتهى بوصفه: بنكنا الأول ورأس ثروتنا التي لا تفوقها أبدا بقية بنوكنا المالية مجتمعة.