شن تنظيم «داعش» أمس هجوماً ضخماً كان يحضّر له منذ فترة على مدينة دير الزور ومطارها العسكري واللواء 137 القريب، في إطار مسعى لإنهاء آخر وجود للحكومة السورية في هذه المحافظة الحدودية مع العراق في شرق البلاد. والسيطرة على دير الزور، في حال حصولها، تسمح لـ «داعش» بوصل مناطق سيطرته داخل العراق بمعقله الأساسي في الرقة داخل سورية.

وقبل 8 أيام من بدء مفاوضات آستانة السورية، بدت صورة المشاركين فيها تتضح أكثر فأكثر. وفيما أكدت أنقرة أنها ستوجّه دعوة مشتركة مع روسيا إلى الولايات المتحدة، كُشف في واشنطن أن الروس وجّهوا مباشرة دعوة إلى إدارة الرئيس المقبل دونالد ترامب، متجاوزين إدارة باراك أوباما، علماً أن موعد آستانة يأتي بعد أيام على تنصيب ترامب وانتقاله إلى البيت الأبيض. وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» إن الأتراك يسعون إلى إقناع الروس بتوسيع دائرة الدعوات لتشمل، إضافة إلى الأميركيين، دولاً غربية مؤيدة للمعارضة السورية.

في المقابل، ذلّل الأتراك عقبة كان يمكن أن تعترض تمثيل المعارضة في آستانة. إذ أعلنت «الهيئة العليا للمفاوضات»، في اختتام اجتماعاتها في الرياض، تأييدها مشاركة الفصائل العسكرية في المفاوضات، عارضة عليها تقديم «مساعدة لوجستية». ومثّل موقفها رضوخاً، كما يبدو، للإصرار الروسي - التركي على حصر آستانة بالفصائل المسلحة الموافقة على وقف النار، على أن تتركز مفاوضات جنيف في 8 شباط (فبراير) المقبل على التسوية السياسية، برعاية مباشرة من المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا.

وحتى مساء أمس لم يتضح القرار النهائي للفصائل العسكرية، إذ قالت مصادر معارضة إن الفصائل ربطت مشاركتها في آستانة بموافقة «حركة أحرار الشام» التي دعت إلى اجتماع لقيادتها لبت الأمر. والحركة من كبريات الفصائل المسلحة، لكنها منقسمة بين تيار يساند «جبهة فتح الشام» («النصرة» سابقاً) الموصومة دولياً بالإرهاب، وبين تيار يؤيد انخراطاً أكبر مع فصائل معتدلة محسوبة على «الجيش الحر».

وفي هذا الإطار، أشارت شبكة «شام» المعارضة إلى «صعوبات تواجه الفصائل العسكرية» المجتمعة منذ أيام في أنقرة لاتخاذ قرار في شأن المشاركة في آستانة أو الغياب. وأوضحت أن هناك فصائل «رفضت بداية، وعادت ووافقت على (العرض التركي) الذي يدعم الذهاب إلى آستانة من دون شروط مسبقة». وتابعت «أن الفصائل تخلت عن غالبية مطالبها، لكنها ما زالت مصرة على تثبيت وقف النار».

وكانت «الهيئة العليا للمفاوضات» «ثمّنت» في بيانها، أمس، «الجهود المبذولة لنجاح لقاء آستانة، باعتباره خطوة تمهيدية للجولة المقبلة من المفاوضات السياسية» في 8 شباط في جنيف، مؤكدة أن «بحث المسار السياسي مسؤولية دولية يجب أن تكون تحت مظلة الأمم المتحدة وبإشرافها الكامل».

في غضون ذلك، أعلنت موسكو أنها استضافت الجمعة لقاء ثلاثياً تحضيراً لآستانة حضره مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ونائب وزير الخارجية التركي سادات أونال ونظيره الإيراني حسين جابري أنصاري. وكان لافتاً، على هامش هذا اللقاء الثلاثي، ما نقلته وكالة «ترك برس» عن مسؤول رفيع المستوى في الخارجية التركية من أنّ التقارب بين تركيا وروسيا في ما يخص حل الأزمة السورية «أزعج إيران» ودفعها إلى الاستياء من عملية «درع الفرات» ضد «داعش» في الشمال السوري. وأوضح هذا المسؤول أنّ إيران تطلب من الحكومة التركية تنسيق عملياتها داخل الأراضي السورية والعراقية مع حكومتي هذين البلدين، و «تدّعي أنّ وجود الميليشيات الإيرانية في الدولتين جاء بطلب من حكومتي دمشق وبغداد ولأغراض استشارية وليست قتالية». وذكر المسؤول أن «الإيرانيين ينظرون إلى التقدم العسكري التركي في شمال سورية على أنه عقبة في طريق تحقيق مشروعهم في سورية، وهم منزعجون من الوجود التركي في سورية والعراق لذا يطلبون دائماً من أنقرة سحب قواتها من أراضي هاتين الدولتين».

ميدانياً (أ ف ب)، شن «داعش» السبت هجوماً هو «الأعنف» منذ عام ضد القوات الحكومية في مدينة دير الزور شرق سورية، ما تسبب في مقتل 30 عنصراً من الطرفين. وأفاد «المرصد السوري» بأن التنظيم قام بـ «تفجير أنفاق وإرسال انتحاريين، فيما ردت قوات النظام وحلفاؤها بغارات على مواقع داعش داخل المدينة». وتحدث عن تقدم للتنظيم على أكثر من جبهة في المدينة ومحيطها.