سعيد السريحي

في تصريحه الذي نشرته «عكاظ» يوم أمس بمناسبة القرار السامي بمنح المرأة حقها في قيادة السيارة، أشار الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبد اللطيف آل الشيخ إلى ما جرت عليه العادة من تحريم كل ما يستجد على المجتمع من شؤون الحياة الحديثة ووسائلها المعاصرة، مذكرا بتحريم ركوب السيارة والجلوس إلى طاولة الطعام والأكل بالملاعق، وتحريم تعليم البنات ومشاهدة التلفاز والظهور على شاشته والجوال ذي الكاميرا، وأضاف الشيخ آل الشيخ إلى أن ذلك كان قبل أن يتغير تفكير المجتمع.

وإذا كانت شواهد التاريخ تعزز ما ذكره الشيخ مما كان محرما ثم تبين حِله بعد ذلك، وتضيف إلى ذلك أضعاف ما ذكره، فإن شواهد التاريخ كذلك تؤكد أن المجتمع كان وما زال مجتمعا متفتحا متطلعا إلى المستقبل متقبلا لمستجدات الحياة الحديثة قادرا على استيعاب مستجداتها، ولذلك فإن المجتمع لم يتغير وإنما الذين تغيروا هم فئة أو طائفة فيه كانت تتشدد إزاء كل مستجد وتستسهل التحريم، سواء كان ذلك التحريم ناتجا عن الجهل بتلك المستجدات أو من باب سد الذرائع الذي سد كثيرا وطويلا الطريق أمام تطور المجتمع.

ولعل خير شاهد على أن المجتمع كان متفتحا ومتنورا ومتطلعا للتغيير هو ذلك الفرح العارم بالأمر السامي بتمكين المرأة من قيادة السيارة وقبله شهدنا الفرح بتعليم البنات وكذلك البعثات وافتتاح التلفزيون وكل مستجد كانت تصادره فتاوى التحريم ولم يكن المجتمع يرى فيه حراما أو منكرا.

المجتمع لم يتغير وإنما غير المتشددون مواقفهم، سواء كان ذلك عن قناعة منهم أو تسليم بما أقره ولي الأمر من أمور فيها صلاح الوطن وخير المواطنين.