سالم حميد

 تحاول قطر التظاهر دبلوماسياً بأنها ترغب في إنهاء أزمتها الراهنة مع محيطها الخليجي والعربي، ولإيصال هذه الرسالة المخادعة تلجأ إلى مغازلة الدول الغربية والرأي العام القطري بعبارات توحي بأنها ضحية تطلب الصفح والغفران،

وتستغرب مواقف الآخرين ضدها، لكنها في الوقت ذاته تطالب برفع ما تسميه الحصار وتواصل إيذاء الآخرين، وتعمل باجتهاد من أجل التأسيس لحالة من العداء والقطيعة الدائمة مع الخليج! بدليل أن مجمل ممارسات الدوحة تتصف بخبث، وتحث دول المقاطعة على الاستمرار في التمسك بموقفها الرافض للسياسة القطرية العبثية. وهذه الجاهزية التي تظهر في سلوك حكام الدوحة الذين يضمرون الرغبة في معاداة الخليج من خلال الإبقاء على سياسات تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، إنما تقدم إثباتات جديدة تدين قطر وتفضح سياستها التخريبية غير المبررة. ويبدو أن عزم الدوحة على الانسلاخ عن محيطها الخليجي كان قراراً نهائياً، ولا توجد حتى الآن أي بوادر جادة من قبلها للتراجع عن السلوك المعادي لجيرانها، بل على العكس تمضي الدوحة عبر سلسلة تحالفات وتحركات إقليمية لتعزيز القطيعة وتعميق الأزمة بتصرفات مرفوضة ومستهجنة، ولن تمر من دون حساب خليجي حازم.

أحدث مخطط قطري لتعميق الشرخ وإطالة أمد الأزمة يتمثل في ترتيب الدوحة لتجميع زمرة خائنة تتكون من أفراد إخوانيين هاربين من أحكام قضائية في الإمارات، يصورون أنفسهم كمعارضة، بينما لا يوجد أي أساس عقلاني لسلوكهم الذي يجعلهم يهربون من العدالة، والتبرير لسقوطهم في فخ الجماعات المتطرفة.

تتوهم قطر -عبر القيام بخطوة استثمار الخونة الهاربين المتهمين بالانتماء لتنظيمات إرهابية- أنها ترد على مؤتمر المعارضة القطرية الذي انعقد مؤخراً في لندن. بينما يعلم الجميع أن المعارضة القطرية تتحرك من تلقاء نفسها منذ سنوات، في مصر وأوروبا، ونتذكر جميعاً تصريحات إعلامية قديمة لكبار رموز المعارضة القطرية، تم تداولها بدون تحريض أو تمويل من أي طرف، لأن المعارضة القطرية تتحرك بدوافع ذاتية تخصها من قبل أن تندلع الأزمة الجديدة مع نظام الحمدين الداعم للإرهاب. ومن خلال حضورنا للمؤتمر الأخير في لندن، لمسنا أن المعارضة القطرية لديها تجربة في معارضة الدوحة تمتد لسنوات، ولا علاقة لها بالأزمة الراهنة مع قطر. وبالتالي على الدوحة أن تحل مشكلتها بنفسها مع مواطنيها المعارضين، ولا يد لأحد في تلقين المعارضة القطرية، ولسنا مثل الدوحة التي تمنح كل مجرم هارب من بلده جواز سفر وحسابات بنكية لتمويل تنقلاته من وإلى الدوحة، التي تريد أن تكون عاصمة للخونة والهاربين من العدالة.

يجب أن تعي الدوحة أن ورطتها تتسع؛ فعلى صعيد المعارضة القطرية اتضح أن مؤتمر لندن كان مجرد نواة وبداية انطلاق وتدشين لتزايد المناهضين للنظام القطري الحالي. فقد علمنا أن المعارضة القطرية تنوي الترتيب لمؤتمرات موسعة ترفع سقف مطالبها وتتجاوز إشهار مواقفها إعلامياً إلى اتخاذ خطوات عملية، وهذا الزخم القطري المعارض سوف يكون له تأثير جذري على مستوى بناء نظام جديد في قطر. وبالتالي على الدوحة التوقف عن اللعب بورقة الخونة الهاربين من الإمارات، الذين تعمل على تسمينهم وتمويلهم منذ سنوات! فبأي حق تمنح قطر تلك الشرذمة جوازات قطرية؟ وبأي حق وتحت أي مبرر تنوي حشد تلك الزمرة الخائنة لتنظيم مؤتمر لهم تحت عنوان زائف؟

ما يعرفه المتابعون للشأن الخليجي هو أن هناك بالفعل معارضة قطرية في الخارج، بينما لا توجد معارضة إماراتية من أي نوع، حيث لا يمكن بأي حال التعويل على زمرة أفراد إرهابيين هاربين من أحكام قضائية، ولا يمكن وصفهم بالمعارضين. أما الدوحة فعليها أن تستعد لرياح التغيير القادمة على يد أفراد من الأسرة الحاكمة نفسها ولكن من الخارج. فالأنباء تشير إلى قرب الإعلان عن حكومة انتقالية بقيادة الشيخ عبدالله آل ثاني، وحينها حتى لو فكرت قطر في الانصياع لدول المقاطعة، من المرجح أن تعترف تلك الدول الرافضة لسياسة الدوحة بالحكومة الانتقالية الجديدة، وبعدها يتوالى الاعتراف من دول أخرى، ويتم العمل على تمكين نظام قطري جديد وانتهاء عهد تنظيم الحمدين التخريبي.