رائد برقاوي

 لماذا لدينا سوقان ماليان في الإمارات؟ وهل هناك حاجة فعلية لوجود بورصتين؟ وهل تبرر التداولات الضعيفة حتى وإن تضاعفت، وجودهما بشكل منفصل؟


ما دامت الشركات المدرجة في سوقي أبوظبي ودبي تعمل في أسواق دولة الإمارات العربية المتحدة ، وما دام المستثمرون هم أنفسهم الذين يتداولون في كلا السوقين، وما دامت الأنظمة المطبقة في كليهما هي نفسها، وما داما يخضعان لسلطة رقابية واحدة، فما الحاجة لوجودهما عن بعد.
كلا السوقين في أبوظبي ودبي لا يطبقان الأنظمة المحلية في كل إمارة، بل الأنظمة الاتحادية، تحت مظلة وزارة الاقتصاد وهيئة الاوراق المالية والمصرف المركزي، والشركات المساهمة العامة المدرجة بهما تخضع هي أيضاً لقانون الشركات الاتحادي، والمستثمرون أيضاً تطبق عليهم القوانين الاتحادية، فلماذا يعملان بشكل منفصل؟
الواقع يقول إن سوقي ابوظبي ودبي مرتبطان ببعضهما بعضاً فنياً حتى وإن كانا منفصلين، فأي ارتفاع في أي سوق ينتقل للآخر والعكس صحيح، فيما المستثمرون ينتقلون من شاشة الى اخرى ، ويحركون أموالهم من مكان إلى آخر، حيث الشركات مرتبطة ببعضها وكذلك القطاعات.
إذاً، أمام هذا التكامل في الأنظمة وفِي الأداء وفِي العملاء وفِي الشركات، ما الحاجة لوجود بورصتين منفصلتين في دولة الإمارات؟ ألم يحن الوقت لدمجهما في سوق واحد لديه إمكانات أكبر وتداولات أكثف، وعمق فني أكثر صلابة ومقاصة واحدة ، والأهم نفقات أقل.
ندرك أن طبيعة ملكية السوقين مختلفة، حيث سوق دبي المالي شركة مساهمة عامة، وسوق أبوظبي شركة حكومية، لكن ذلك لا يمنع دمجهما حتى وإن بقيت صالتا التداول في مكانين مختلفين.
التجارب العالمية أمامنا، فالبورصات الرئيسية الناجحة في العالم هي تلك الموحدة والمتخصصة، من طوكيو إلى فرانكفورت ولندن إلى أكبرها وول ستريت في نيويورك إلى شيكاغو المتخصصة في السلع.

على مدار العقد الماضي، وكذلك الحالي، برزت عندنا بعض الجهود لدمج سوقي أبوظبي ودبي، وأعدت الدراسات الفنية والمالية، لكن نتائجها الإيجابية والتي كانت تصب في صالح المضي قدما بالدمج لم تَر النور، والسبب هو الاختلاف على التقييمات المالية لكل سوق.
المطلوب في هذه المرحلة مواكبة جهود القيادة لتنسيق أوسع وتكامل أشمل وحقيقي بين الدوائر والمؤسسات الحكومية وبين قطاعات الأقتصاد الوطني عبر إعادة المحاولة، لأن الأمر يستحق العناء والجهد .. ولتحمل البورصة الجديدة اسم الإمارات عاليا.