فايز بن عبدالله الشهري

 

هي أحد أغرب البلدان في السلوك السياسي وهي أيضا الشعب والمجتمع المغلق الذي لا يعرف عنه العالم الكثير. تلك هي كوريا الشماليّة «البلد المحرّم» بسكانها الذين يتجاوز عددهم 25 مليون نسمة. أما الزعيم الكوري الشمالي الحالي «كيم جونغ أون» فهناك من يراه دكتاتورا دمويّا وهناك من يعتبره ممثّلا بارعا يقارع الغرب وأبناء عمومته في الجنوب باللسان وبالسنان.

في كوريا الشماليّة لا يُسمح لعموم الشعب بامتلاك وقيادة السيارات باستثناء موظفي الحكومة والجيش. كما أن الطاقة الكهربائيّة لا تعمل في معظم البيوت ليلا. أما شبكة الإنترنت فهذا الترف شرف لا يتمتع به سوى 7 آلاف شخص في عموم كوريا الشماليّة.

وبخصوص التهديدات النوويّة المتبادلة مع الأميركيين فمن المعلوم تاريخيا أن الأميركيين هم من بدأ التهديد النووي منذ عام 1954 حيث تم تزويد الجيش الأميركي المتواجد في كوريا الجنوبيّة بأسلحة نوويّة وبقيت ضمن ترسانته حتى عام 1991 حينما أمر الرئيس الأميركي بوش الأب أمره بإزالتها. وفي وجه التهديدات أسست كوريا الشماليّة جيشا ضخما يزيد – اليوم - على مليون جندي نظامي يسندهم حوالي 6 ملايين مجند احتياط في الحرس الأحمر. وقد واجهت كوريا الشماليّة التحدي الأكبر بعد انهيار الاتحاد السوفييتي إذ إن موسكو الجديدة لم تعد قادرة على تغطية تكاليف الحماية والدعم لحليفتها. كما أن الصين الداعم الآخر تعلمت الدرس ما دفع «بيونغ يانغ» إلى مغازلة شقيقتها الجنوبيّة حتى أصبح التبادل التجاري بينهما في المركز الثاني بعد الصين تليها دول مثل روسيا والهند وتايلند. ومع هذا فكوريا الجنوبيّة ما زالت ترى الشطر الشمالي جزءا لا يتجزأ من الوطن الموحد ولهذا أنشأت وزارة الوحدة. أما «بيونغ يانغ» فترى أنّها الأحق بنصفها الجنوبي «المستعمر» من الأميركيين.

وعلى الرغم من العزلة الدوليّة التي فرضتها قرارات أمميّة وغربيّة على كوريا الشماليّة إلّا أن الدولة «المارقة» نجحت في بناء شبكة علاقات مع دول أوروبيّة وفي أميركا اللاتينيّة وكذلك دول آسيويّة مهمة مثل إندونيسيا وماليزيا وباكستان وسنغافورة ومع أكثر من 11 دولة أفريقيّة.

أما السؤال عن سر تعنّت «كوريا الشماليّة» مع الغرب فيرجعه الخبراء إلى الدعم الصيني الروسي الذي ساند الكوريين الشماليين في أكثر من محفل دولي. وتعد الصين الحليف الأكبر والمزود الرئيس بالغذاء والطاقة وربما التقنية كما أن عشرات الآلاف من العمّال الكوريّين الشماليّين يعملون في الصين. وفي الشرق الأوسط احتفظت كوريا الشماليّة بعلاقات عسكريّة خاصّة مع مصر عبد الناصر وسورية حافظ الأسد وكذلك ليبيا القذافي وربما بقيت بعضها بشكل أو بآخر. وكانت كوريا الشماليّة الحليف المميز لإيران الخميني من خلال دعمها «الملالي» بالتقنيات والصواريخ خلال حرب الثماني سنوات بين الخميني وصدام. وقد تطوّر الأمر فيما بعد لنقل الخبرات والتقنيات. والسؤال الكبير: حتى متى تبقى كوريا الشماليّة مخلب المناكفة بين الشرق والغرب.

قال ومضى:

لا تعتذر عن إساءاتك المتكرّرة لي فلم تكن يوما في قائمة الشرف مع الأصدقاء.. كما أنّك لم تتأهل أبداً لقوائم الخصوم الشرفاء.