سلطان حميد الجسمي

تنفيذاً ل«وعد بلفور» تم إنشاء دولة لليهود على أراضي دولة فلسطين، ولم يكن الشارع العربي قد استوعب هذا الواقع المؤلم، فأصبح الحلم الصهيوني للأسف واقعاً. و«سايكس - بيكو 1916» رسمت الحدود الجديدة لأجزاء من الوطن العربي، و«وعد بلفور1917» قدم أرض دولة فلسطين هدية ليهود العالم، وصادقت عليها الأمم المتحدة ك«دولة ذات سيادة» عام 1948.
وقال دافيد بن جوريون أوّل رئيس وزراء لدولة الاحتلال عام 1948: «لو كنت زعيماً عربياً لن أوقع اتفاقاً مع «إسرائيل» أبداً. إنه أمر طبيعي: لقد أخذنا بلدهم. صحيح أن الله وعدنا به ولكن بماذا يمكن أن يهمهم ذلك؟»، وكيفما قالها، فإنه تحدى القوانين الدولية التي تنص على حماية حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، والتي برغم وحشية هذه الدولة فقد تم الاعتراف بها.
واليوم أصبحت «إسرائيل» تمارس أبشع أنواع القمع والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني الأعزل بحجة الدفاع عن مستوطنيها، كما تفرض الحصار على الأراضي الفلسطينية، وبفضل ذلك يعيش الشعب الفلسطيني الفقر والجهل والمرض والجوع، وتكاد تمحى آدميته.
تاريخ من الجرائم والمجازر ارتكبها الاحتلال الصهيوني، فأياديه ملطخة بدماء الأبرياء من أطفال ونساء ورجال، وتعرف الأجيال السابقة مدى وحشيته على مر العقود، واليوم تسعى «إسرائيل» وبجميع منابرها الإعلامية أن تلعب دور المظلوم المحاصر، وتحت هذا الزعم تسول لها نفسها الحق في استخدام كل الطرق الوحشية، ومن أهم المنابر التي تستعملها اليوم هو ««إسرائيل» بالعربية»، وهو منصة تهدف إلى تغيير صورة «إسرائيل» للشعب العربي، ودائماً ما تنشر فيه الأحداث المصطنعة والدراما الكاذبة التي توهم الشارع العربي ليتعاطف معها، وتوجد آلاف الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تحمل الهدف ذاته.
وتسعى «إسرائيل» اليوم، وبلا شك، إلى استمرار الفوضى والصراعات في الوطن العربي، ويرجع ذلك لمخططاتها بتفكيك الوطن العربي. ومما لا شك فيه أن ما يسمى «الربيع العربي» وحالة التفتت العربي تخدم مصالح «إسرائيل» بشكل مباشر، فالحلم الذي تم التخطيط له منذ سنين وهو تحويل الوطن العربي إلى دويلات صغيرة، يكاد يتحقق كما نراه اليوم في العراق وسوريا. وكان عام 2003 هو عام بداية الحصاد لهم بسبب الأحداث المؤسفة التي جرت في العراق، وبسببها يعاني العراق اليوم من تفكك وعدم استقرار، وأيضاً ما يجري في سوريا يصب في المجرى نفسه، وهذه الأحداث المؤسفة لم تأت بإرادة الشعوب والقيادات الواعية، بل أديرت هذه الخطط من قوى الشر على مدى سنوات مع دولة الاحتلال، والهدف من ذلك هو تفكيك وتقسيم الدول العربية وضرب القلب العربي في الصميم. لكن رغم ذلك، فإن هذا المحتل لا يشعر بالأمن والأمان وهو يعيش حالة من الاستنفار الدائم، وكل مستوطنيه في حالة جهوزية باعتبارهم جنوداً احتياط، أي انه مجتمع عسكري يشعر بأنه غريب عن هذه الأرض، لأنه استولى عليها بالقوة، ولذلك فإن تعداد السكان في انخفاض بسبب الهجرة والهرب إلى الدول الأوروبية وأمريكا خوفاً على أرواحهم وعائلاتهم. فالصهاينة يخدعون العالم بأنهم في أمان في الأراضي المحتلة، والعكس هو الصحيح، لأنه لا يستطيع المحتل أن يعيش على أرض شعب عريق كالشعب الفلسطيني الذي يمتد تاريخه إلى ما قبل الميلاد.
لدولة الاحتلال النصيب الأكبر في مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي تبنته الولايات المتحدة الأمريكية وأعلنت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية حينذاك كوندوليزا رايس، ومن أهم أجندات هذا المشروع هو خلق حالة من عدم الاستقرار ونشر الفوضى في الدول العربية، فبهذا المخطط تعيش دولة الاحتلال، لذلك تبذل جهود جبارة لإدامة الصراعات على الأرض العربية، ويتم استخدام الإرهاب لتغذيتها على قاعدة «فرق تسد» كي تبقى «إسرائيل» في مأمن. فهل سمعتم يوماً أن هذه المنظمات الإرهابية قامت بعمل ما ضد «إسرائيل»؟