حمود أبو طالب

محيّر كثيراً عندما يخرج كاتب أو محلل عربي ويعترض على إعادة النظر في ملف السلاح النووي الإيراني كما يتجه الرئيس ترمب الآن، ويحاول إقناع إدارته والكونجرس وحشد الحلفاء معه باتجاه تنفيذ القرار. يقول مثل هذا الكاتب «العربي» إن إيران دولة مسلمة كبيرة تمثل أكثرية سكانية وقوة عسكرية، وإننا في كل الأحوال لا يحسن بنا الاصطفاف ضدها مع الغرب الذي يتآمر علينا جميعا دون استثناء.

الغرابة، بل الوقاحة، في هذا الطرح هو تصوير إيران وكأنها حامية حمى الإسلام والمدافعة عن الشعوب المسلمة، أو أنها تسعى إلى إحلال السلام والتعايش مع جيرانها من دول إسلامية عربية في سلم ووئام واحترام وحرص على المصالح المشتركة، وليس بصفتها أكبر مثير للفتن والمؤامرات والتخريب وصاحبة الأطماع التوسعية والسعي الحثيث للهيمنة على محيطها بكل الوسائل، وأنها سخرت كل مقومات اقتصادها وإمكاناتها العسكرية لتصدير الثورة الأيديولوجية بوسائل همجية لا تحترم سيادة الدول ولا ضوابط الاتفاقيات والمواثيق التي تنظم علاقات الدول.

قبل وبعد الاتفاق النووي لم تتوقف إيران عن تطوير سلاحها، بل إنها سارعت في خطواتها بعد الاتفاق مستغلة غض النظر عنها وحالة التوتر في بؤر كثيرة حولها صرفت الاهتمام إليها. ونريد أن نسأل المتعاطفين مع نظام الحكم الإيراني من العرب، ألا يعرفون أن حلم إيران الأثير بسط هيمنتها على كل الساحة العربية بأي وسيلة، وأن هذا الحلم يمثل مشروعها الإستراتيجي الجوهري، ثم ألا يعرفون أن الصواريخ الباليستية التي يطلقها عملاؤها في اليمن باتجاه المملكة، والتمادي إلى حد استهدافها الأماكن المقدسة هي صواريخ إيرانية بإشراف خبراء إيرانيين، وأخيرا ألا يعرفون أن إيران فاخرت ذات يوم وبانتشاء شديد أنها في طريقها لبسط سلطتها على العاصمة العربية الرابعة.

السلاح النووي، أو أي سلاح متطور، يصبح خطراً عظيماً عندما يملكه نظام توسعي متخلف متمرد على أخلاقيات وضوابط العلاقات الدولية، وتوظيف مقولة وجوب الوقوف بجانب إيران كدولة مسلمة ضد الغرب هو هراء وغباء، أو خبث شديد وتآمر قبيح على الأوطان. الحقيقة التي لا يجب أن يكون خلاف عليها هي ضرورة لجم النظام الإيراني وتحييد خطره المتعاظم بامتلاكه سلاحاً نووياً نعرف كيف سيتم استخدامه.