علي بن حمد الخشيبان

الرئيس الأميركي وضع تصورات إستراتيجية إدارته نحو إيران، وفي هذه الإستراتيجية ألغى الرئيس ترمب كل الافتراضات القديمة بأن تعمد استعمال مصطلح الخليج العربي للتأكيد على أن أميركا تؤكد أن كل ما يقع غرب هذا الخليج العربي هو عربي من حيث الجغرافيا والتاريخ والسياسة، فالشرعية المطلقة في هذا الخليج هي عربية، وكما يبدو أن المطلوب من إيران تغييرات سياسية تتفق والمصالح الدولية في هذه المنطقة كما أن الرسالة الأميركية الي يمكن قراءتها بوضوح تكمن في جدية الرؤية الأميركية من اجل إيقاف الطموح الإيراني في المنطقة سواء على المستوى الجيوسياسي أو المستوى الطائفي.

المشروع الإيراني ليس مشروعا نوويا فقط بل هو مشروع ذو ثلاثة أضلاع هي: الحصول على السلاح النووي، نشر الطائفية، السيطرة الإستراتيجية على المنطقة ومقدّراتها الثقافية والطبيعية..

بدا وضحا ان القلق الأميركي يزداد مع ظهور مؤشرات جديدة على مستوى أزمات المنطقة وخاصة في سورية والعراق فمحاولة الاستقلال الكردستاني والتكتل التركي الإيراني العراقي نحو منع هذا الاستقلال، يمكنه أن يمنح الفرصة لإيران للاستفادة بشكل أكبر من معطيات لغة الاستقلال التي سوف تسود هاتين الدولتين سورية والعراق، بمعنى دقيق القلق الأميركي يتضاعف مع دخول الحرب الأهلية السورية مرحلة أكثر هدوءا لأن المستفيد الأكبر من هذا المنعطف هو إيران التي سمحت لها إدراة الرئيس الأميركي السابق أوباما بامتلاك أكبر مساحة ممكنة من التدخل في سورية.

هناك خوف أميركي حقيقي ظهر جليا في خطاب الرئيس ترمب هذا الخوف مفاده أن هناك فرصة كبرى لأن تحصد إيران ثمن تدخلاتها وتسيطر في النهاية على البناء السياسي في دولتين مهمتين في العالم العربي سورية والعراق، وذلك يمكن أن يحدث ببساطة تحت غطاء الاتفاق النووي المسمى (بخمسة زائد واحد) وخاصة أن فرصة القوى الدولية الخارجية من خلال فرض واقع سياسي في أي منطقة في العالم قد بدأت تتضاءل مع التحولات التي شهدها العالم خلال العقدين الماضيين، لذلك على السيد ترمب أن يفكرا جديا في شركائه الأوروبيين.

ليس هناك شك أن ترمب يريد أن يضع إيران أمام تحديات موقفها السياسي وتدخلاتها في المنطقة وفي ذات الوقت هو يدرك أن الشرق الأوسط يمر كالعادة بوضع صعب ومعقد، ولكن ليس هناك خيار أكثر أهمية من أن تعود إيران إلى واقعها لأن تحديات المنطقة تتضاعف بشكل يومي وتمكن إيران من تنفيذ مشروعها السياسي القائم على تحقيق السيطرة السياسية تحت غطاء طائفي، في الأفق أيضا تحديان مهمان الأول يكمن في كيفية تفكيك الاتفاق النووي خمسة زائد واحد، حيث تقف أوروبا وبحكم مصالحها موقفا أقل تشددا من أميركا التي تشعر بأنها تذهب إلى أن تخسر إستراتيجيا في المنطقة.

المنطقة تحتاج إلى أن تتحمل مسؤوليتها ومستقبلها، ولكن هل يمكن ذلك في ظل هذا المشهد المتداخل؟ أعتقد أن أميركا ومن خلال خطاب الرئيس ترمب تعلن وبقوة إمكانية عودتها إلى شؤون المنطقة بعد غياب قسري فرضته إدارة (أوباما)، ولكن هذا يتطلب تحقيق انخفاض شديد في الصراعات والأزمات والحروب الأهلية والإرهاب.

إعادة تقييم الموقف الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران تدخل في مسار الحديث السياسي الجدي، حيث سيتم فعليا إعادة التقييم، ولكن ماذا لو انسحبت إيران من المعاهدة كما تقول حليفتها روسيا التي أكدت أن إيران قد اتخذت قرارها أن تنحسب من الاتفاق عند انسحاب أميركا، وهنا مكمن الخطورة بل هو زمنية إيرانية!! لذلك أعتقد أن ترمب استبق هذا المشهد وقال بالنص (الخليج العربي) ليؤكد أن هذه المنطقة تقع ضمن المصالح الإستراتيجية لأميركا وحلفائها.

المشروع الإيراني ليس مشروعا نوويا فقط بل هو مشروع ذو ثلاثة أضلاع هي: الحصول على السلاح النووي، نشر الطائفية، السيطرة الإستراتيجية على المنطقة ومقدّراتها الثقافية والطبيعية، وكما يبدو أن الرؤية الأميركية وإستراتيجيتها تقوم على أن هذا المشروع ذا الثلاثة أضلاع يمكن تفكيكه بمجرد تفكيك أحد هذه الأضلاع، بمعنى دقيق اختراق المشروع الإيراني من أحد أضلاعه كفيل بتفكيك بقية الأضلاع.

أميركا عليها أن تكون جادة في اختراق مثلث المشروع الإيراني من الضلع الأكثر أهمية وهو الوقوف أمام إيران من الوصول إلى امتلاك السلاح النووي، لأن الوقت الذي يمنحه هذا الاتفاق لإيران قد يصل بها في النهاية إلى امتلاك السلاح النووي كون إيران سوف تستغل الوقت لبناء قدراتها النووية لتفاجئ العالم في مرحلة معينة وتعلن دخولها النادي النووي.