علي سعد الموسى

حين قرأت بيان هيئة كبار العلماء الموقرة ما قبل الأمس بشأن موقفها من داعش والقاعدة والإخوان أخذني التأويل إلى كثير من الأسئلة المفتوحة. هنا اقتباس منه كي تكتمل الصورة (أكدت هيئة العلماء اليوم أنه يستحق من شارك في عمل إرهابي أو تستر أو حرّض أو موّل أو بغير ذلك من وسائل الدعم، العقوبة الزاجرة الرادعة، مبينة أن الإرهاب جريمة تستهدف الإفساد بزعزعة الأمن والجناية على الأنفس والممتلكات الخاصة والعامة. إن داعش والقاعدة والإخوان امتطوا الإسلام لآرائهم وأهوائهم وخداع الناس، ومن يدعو شبابنا للانتظام معهم فقد أخطأ وضل سواء السبيل. إن البعض يعتقد أن خلافنا مع الإخوان في مسائل محدودة ومعدودة، وهذا ليس بصحيح فالخلاف معهم في المنهج قبل أن يكون في المسائل). انتهى.

سيقرأ الغائب البعيد عن الخطاب الديني الوطني، وبالتحديد من لا يتابع الرأي الرسمي لهيئة كبار العلماء الموقرة، أقول سيقرؤه في السياق الظرفي والزمني على أن الهيئة الفاضلة قد تأخرت كثيراً في الجهر بهذه الفتوى الشاملة. سيقول مثلاً إن خارطة العالم بأسره، والعالم الإسلامي على وجه الخصوص، تعاني من إرهاب هذه الجماعات الثلاث لما يقرب من ثلاثة عقود، فلماذا تأخرت هيئة كبار علمائنا الأفاضل كل هذا الزمن الطويل كي تقرأ هذه الحقيقة؟ 
والجواب الواضح أن مثل هذه القراءة وهذا السؤال لا يشرح كامل المشهد. لهيئة كبار العلماء مواقف من هذه الفتن ولها عشرات البيانات تجاه معظم الأحداث الإرهابية وجماعاتها المختلفة. تبقى من أمانة الكلمة ومن باب النصح المحمود أن نقول ما يلي، وكل قلمي ثقة بسعة صدر كل عضو فاضل في هذه الهيئة: في أحيان كثيرة يبدو التأخير في إبداء الرأي وإصدار الفتوى سبباً أمام هواة الأسئلة المغرضة. خذ مثلاً أن تأخير إدانة أشهر حادث إرهابي في التاريخ الحديث قد فتح المجال لما يقرب من الشهر لأعداء هذا البلد، ولأعداء منهجه ومسلك علمائه الأفاضل. وبذات التقريب، فإن التردد الطويل لوضع حركة الإخوان في ذات السلة مع القاعدة ومع داعش يعطي ذات الأعداء ذات المنحة التلقائية. وعذراً إن قلت إن هذا البيان الأخير وبسبب التوقيت المتأخر قد يمنح أعداء منهجنا فرصة التأويل الكاذب التي طالما رددوها بكل صفاقة، وهم يقولون إما أن الهيئة الموقرة لا تستطيع القراءة الفورية لهذه الأحداث والجماعات، وإما أنها مع تنظيم الإخوان كانت مخترقة شأنها شأن عشرات الأجهزة الرسمية المختلفة.