مشاري الذايدي

الحق والمعتاد هو أن تكون علاقات السعودية بالعراق حسنة مزدهرة، نقيض ذاك هو الباطل والشاذ.


العراق يربطه بأهل الجزيرة العربية وبخاصة نجد والأحساء، علاقات تاريخية واجتماعية واقتصادية من فجر التاريخ.
في كلمة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز للوفد العراقي برئاسة حيدر العبادي، رئيس الحكومة العراقية، وحضور وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، قال الملك سلمان، إن «ما يربط السعودية بالعراق ليس مجرد الجوار والمصالح المشترك، إنما أواصر الأخوة والدم والتاريخ والمصير الواحد».
هذا ليس كلام مجاملات، بل حقائق وشواهد شامخة على حجر الزمن الحاضر منه والغابر.
أذكر لكم أمثلة وجيزة عن هذا المعنى، عن عراقيين خدموا السعودية، وعن سعوديين خدموا العراق.
في بلاط الملك عبد العزيز كان هناك شخصيات عراقية رفيعة، خدمت الدولة السعودية بكل احتراف وإخلاص، منهم، الدكتور عبد الله الدملوجي، ابن الموصل الحدباء، في سنة 1928 مثل الدملوجي بلاط نجد والحجاز، قبل تسمية المملكة العربية السعودية باسمها.
حين عاد لبلده العراق، وقررت الحكومة العراقية تعيينه ببعض المناصب السياسية، تحرج البعض من أن يتحسس الملك عبد العزيز من ذلك، كونه خدم معه، لكن «أبو تركي» كان سمحاً متفهماً كعادته، و«يتمنى الخير والتوفيق للعراق».
يعلق المؤرخ العراقي نجدة فتحي صفوت على هذا الموقف: «كان ذلك من آيات سعة الصدر، وبعد النظر، والتسامح الذي اتصف به جلالته».
«السيد» محمد سعيد الحبوبي، من أهم شعراء العراق من أهل «النجف» وهو أستاذ «متنبي العراق المعاصر» محمد مهمد الجواهري، هاجر الحبوبي مع أبيه وعمه لمدينة حائل السعودية نحو 1864.
عاش ثلاث سنوات مع أبيه وعمه بحي المشاهدة العراقي الشهير بحائل. من شعره تشوقاً لنجد:
يا نازلي (الرمل) من (نجد) أُحبكم
وإن هجرتم، ففيمَ هجركُم؟ فيما؟
أما عن السعوديين الذين خدموا العراق، فمن أشهرهم «الباشا» عبد اللطيف المنديل، هاجر والده من سدير بنجد، وهو ممثل الملك عبد العزيز بالعراق، في بواكير النهضة العزيزية.
صار في العهد العثماني عضواً بمجلس ولاية البصرة وملحقاتها. من أعماله: تزويد البصرة بالكهرباء ومياه الشرب النقيّة.
عُيّن عبد اللطيف المنديل وزيراً للتجارة بأول وزارة عراقية برئاسة السيد عبد الرحمن النقيب 1920، ثم عيّن وزيراً للأوقاف بوزارة عبد المحسن السعدون الثانية، (نوفمبر/تشرين الثاني 1922)، انتخب لعضوية المجلس التأسيسي 1924 عن البصرة، ثم أصبح عضواً في مجلس الأعيان في سنة 1929.
هناك أسماء أخرى مثل السيد هاشم الرفاعي وسليمان الدخيل وغيرهما، لكن ضاقت العبارة واتسعت الرؤية.