أكرم مكناس

اعتقدت لفترة أنني فقدت الأمل في نهوض الأمة العربية مرة أخرى، لكن سماعي مؤخرًا إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جعلني أغير رأيي تمامًا.


بدأت حياتي كرجل تسويق وإعلان يحلم معظم الوقت، وامتلكت بحمد الله الطاقة الإيجابية والتصميم على رؤية معظم أحلامي تتحقق، لذلك أدرك في قرارة ذاتي أن الأمير محمد بن سلمان ليس فقط مفكرًا، ولكنه مفكر يحلم كثيرًا، لديه رؤية، ولديه العزيمة والسلطات التنفيذية لتحويل أحلامه إلى مشاريع قائمة ماثلة للعيان.
واحدة من الأشياء المثيرة حول مشروع «نيوم» الذي أعلن عنه الأمير محمد بن سلمان هو أن هذه المنطقة التي ستجذب استثمارات بـ500 مليار دولار ليست مجرد وسيلة لتنمية وتنويع الاقتصاد السعودي فقط، وإنما سيمتد نشاطها إلى الأردن ومصر أيضًا، مما يجعلها مركزًا ومنطلقًا للنمو الإقليمي من خلال التركيز على التكنولوجيا الحيوية، والطاقة المتجددة، وتقنيات التصنيع المتقدمة، والترفيه والابتكار. إن هذه المنطقة التي تمتد على مساحة 26.500 كيلومتر مربع تحمل معها وعودا لنا بأنها ستكون شيئًا لم نره من قبل.
جنبا إلى جنب مع طموحاته الاقتصادية، يدرك محمد بن سلمان أهمية المضي قدما في القضاء على ظاهرة التطرف، وتأكيده على أن النهوض بالشباب والإسلام المعتدل هو أحد أهم أهدافه الأساسية يعني بالضرورة أنه سيحظى بدعم قوى الخير والاعتدال في المنطقة والعالم، ويمكننا أن نؤكد أن المملكة العربية السعودية ستصبح قوة للتسامح والمثل العليا ومكافحة العنف والتطرف، وترفع من دورها في بناء منطقة واعدة مختلفة جدا عن الصورة المحبطة التي نراها جميعا من حولنا اليوم.
من المؤكد أن دور الشباب هو أن يكونوا محركا للتقدم والتنمية، ولكن إذا تجاهلناهم وفشلنا في توفير الفرص أمامهم سنجعلهم عرضة لتيارات التطرف والكراهية والعنف، والشباب السعوديون قادرون على العمل في الطريق الصحيح واستثمار نقاط القوة لديهم وإمكانيات بلدهم الهائلة في صناعة مستقبل مزدهر للسعودية، لكن ذهابهم في الاتجاه الخاطئ سيعني حتما تدمير هذا البلد.
نقرأ في فكر محمد بن سلمان إيمانه بأن الله تعالى خلقنا لإعمار هذه الأرض، وبناء مجتمع وأسرة وأطفال أفضل، ولقد تمكن من توضيح الرؤية الجديدة لمشروع نيوم بعناية وبطريقة جيدة وسط فريق من كبار المديرين التنفيذيين من جميع أنحاء العالم، في رسالة مغزاها أن القدرة والمعرفة لا تنتمي إلى مجموعة واحدة من البشر، لذلك، من الناحية الواقعية، يجب أن نعلم أنه إذا أردنا تنفيذ أي مشروع يجب علينا أولاً أن نحيط أنفسنا بالأشخاص الأكفاء بصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى.
الأفكار غير التقليدية تخيف الناس التقليديين، وعدد من الأشخاص الذين تحدثت معهم متشككون من مشروع نيوم، لكن أنا مؤمن جدا أنه انطلق بالفعل وألا شيء يمكنه إيقافه، وإن حقيقة الأمر هي أن المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تتمتع بإمكانيات مالية هائلة لتحلم الأحلام المستحيلة وتحولها إلى واقع.
إن نظرت إلى المملكة العربية السعودية من خلال عيني محمد بن سلمان ستجد أنه يعطي مثالا حول التفكير البناء للإنسان العصري وكيف يجب أن يصنع المستقبل. كل صورة تخرج من المملكة العربية السعودية هي صورة للبناء والتوسع والنمو، مقابل كل صورة تخرج من المتطرفين والأصوليين الذين تشجعهم وتدعمهم بعض الدول المجاورة تعكس التدمير والدماء، إنه اختلاف كبير بلا شك.
لم يكن العالم العربي مقسما كما هو حاله اليوم، إلا أن مشروع محمد بن سلمان يعد بأن يكون بمثابة قوة موحدة، من خلال الجسر المقترح الذي يربط بين مصر والسعودية، بما يتيح للمرة الأولى ربط شطري الوطن العربي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتصبح أرضًا واحدة بعد عقود من شطرها إلى نصفين من قبل دولة إسرائيل! وبالمثل، فإن الأردن الذي عانى اقتصاده بشكل كبير من عبء مليون لاجئ سوري سيستفيد كثيرًا من هذه الرؤية.
ربما علينا أن نفكر في العصر الأموي أو العباسي لتذكر الوقت الذي تتصرف فيه هذه الشريحة العظيمة من العالم العربي معا نحو مشروع واحد ورؤية واحدة بعد عقود من الإذلال والانقسام. وربما حان الوقت للعالم أن يرى ما نحن قادرون عليه حقًا عندما نتوقف عن قتال ومناكفة بعضنا البعض، ونتخلى عن الأيديولوجيات المتخلفة والمتطرفة، ونحتضن المستقبل.
نعم، نحن محظوظون بوجود قادة شباب مثل الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز قائد مشروع «نيوم»، ونحن محظوظون أيضًا بوجود ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة والشيخ محمد بن زايد والشيخ محمد بن راشد، هؤلاء القادة يسيرون بسفينة تقدمنا في الاتجاه الصحيح، وهم قادرون على خلق الكثير من مشاريع «نيوم».