ملامح الربيع السعودي: طريق تنظيم الحمدين ومن معه

قينان الغامدي

رسالة واضحة لكل من تآمر على المملكة، أقول لهم جميعا: أردتم للسعودية ثورة فوضى، فأقامت ربيعها الجميل على أنقاض أوهامكم، ومخططاتكم التي تكسرت على صخرة صبرها الطويل!

مراحل التنمية في المملكة بدأت منذ انتهاء مرحلة التأسيس، واستمرت، لكن ظروفا مختلفة بعضها سياسي، وبعضها اقتصادي، وبعضها اجتماعي، هذه الظروف أدت إلى تراخي الوتيرة التنموية حينا، وبطئها حينا آخر، وتوقفها ثالثا. 
ومنذ تحسن دخل البترول في بدايات عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، ارتفعت وتيرة التنمية بقوة شملت كل مناحي النمو من البنية التحتية إلى الحياة المعيشية، وكل القطاعات الخدمية، واستمرت الوتيرة في تصاعد، حتى تراجعت أسعار النفط منذ بضع سنوات قليلة، فتباطأت الوتيرة، وهذا أمر طبيعي في بلد يعتمد في دخله على البترول بنسبة تتجاوز تسعين بالمئة!.
منذ إعلان رؤية 30/‏20 يمكن القول: إن الربيع السعودي انطلق بقوة سبقته إرادة وعزم، وصحبته إدارة وحزم، وسيذكر التاريخ أن رؤية 30/‏20 أذنت وأعلنت قيام الدولة السعودية الرابعة التي تضيف إنجازات أعظم، إلى ما سبقها من إنجازات عظيمة، وتصحح مسارات، وتفتح آفاقا لم تكن مرتادة من قبل، وتمهد لمجالات جديدة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولهذا يمكنني القول: إن هذا هو بداية الربيع السعودي الذي جاء مورقا مزهرا متخما بالمعرفة، متدفقا في كل مسارات النمو المستديم، ويمكن استجلاء ملامح هذا الربيع في المجالات التالية:
الأول: أن هذه الرؤية جعلت المملكة بقيادة الملك سلمان، وسمو ولي عهده، تشهد في العامين الأخيرين -بالذات- وما زالت تشهد حيوية سياسية خارجية غيّرت وما زالت تغيّر صورة السعودية في المخيال الإقليمي والعربي والعالمي، وتمنحها مصداقية أكبر، وديناميكية منسجمة مع إيقاع العصر، ومتطلبات التواصل العالمي في حكمة وسرعة القرار، وهذا هيأ للمملكة إمكانية متميزة في تمتين وتكريس علاقاتها القديمة، مع انفتاحها بوعي على علاقات جديدة، تمنحها سهولة في التحرك، ومجالا لإثبات قدرتها على رعاية مصالحها بجرأة وجسارة وحيوية ومرونة.
وعلى المستوى السياسي الداخلي، كانت الحيوية والسرعة بالمستوى الخارجي ذاته، إن لم تكن أسرع وأكثر جرأة، ولا أظنني بحاجة إلى سرد الأنظمة الإصلاحية التي اتخذتها القيادة في مجالات واسعة، وما زالت تلك الأنظمة الإصلاحية تتوالى، لدرجة أن الشعب السعودي أصبح يتوقع مزيدا منها بصورة شبه أسبوعية، سواء من خلال جلسات مجلس الوزراء، أو من خلال مبادرات القيادة وتوجيهاتها، ولا شك أن وطننا يحتاج ويستحق تلك الإصلاحات، وما زال ينتظر مزيدا من الإصلاحات، والثقة قائمة وكبيرة أنها ستأخذ دورها وزمنها المناسبين في رحلة الإصلاح الطويلة والمتعددة!.
ثانيا: على المستوى الاقتصادي، فقد طرحت الرؤية أهم توجه تحتاجه المملكة، وكانت تحتاجه منذ زمن، لكنه كان يطرح في خطط التنمية، ثم يغطي دخل البترول على مباشرة هذا التوجه بجدية وإرادة نافذة وإدارة حازمة، والتوجه الذي أقصده هو تنويع مصادر الدخل، تمهيدا للاستغناء عن الاعتماد على النفط، كمصدر وحيد، ثم الاستغناء النهائي عنه، وقد حددت الرؤية عام 2020 للاستغناء عن الاعتماد على النفط، ومع وبسبب التغيرات الاقتصادية المختلفة، فسواء تحقق ذلك في 2020 أو بعد ذلك، فإنه ووفقا لتحليلات اقتصادية متشائمة! لن يحل عام 2030 -على أبعد تقدير- حتى يتم الاستغناء عن الاعتماد على دخل البترول نهائيا، وهذه الرؤية التي وصفتُها بالمتشائمة ترى أن أمر الاستغناء سيتم تدريجيا، وبوتيرة تتوقف سرعتها وتباطؤها على سرعة إنجاز مشاريع تنويع الدخل، والتي شملت حتى الآن مشاريع التصنيع العسكري المتنوعة بشراكاتها الضخمة مع الشركات الكبرى والدول الصناعية المهمة، وهي مشاريع -فوق ما ستحققه من دخل كبير متوقع- ستوظف ملايين السعوديين من الجنسين، وتوطن التقنية، إضافة إلى استثمارات صندوق الاستثمارات العامة في شركات عالمية كبرى، وأيضا المدن الاستثمارية الكبرى، «القدية، والبحر الأحمر، ونيوم»، وهي المدن التي وصف ولي العهد آخرها «نيوم» بأنها مشروع الحالمين، والحقيقة أن المشاريع العظمى في التاريخ، يبدأ كل منها بحلم عظيم في ذهن مبدع صاحب قرار، فينفذ، أو حلم مبدع يتبنى صاحب قرار ترجمته إلى واقع ملموس، وكلاهما «الحالم، والمتبني» مبدعان، وهو ما أظنه متحققا في مشاريع المدن الثلاث!
هذا التنويع في مصادر الدخل، ما تم اعتماده، وما تم التخطيط له، وهو قادم في الطريق، سينقل المملكة من دولة نامية إلى دولة متقدمة منتجة، ذات اقتصاد قوي معتمد على ذاته وعقول وسواعد مواطنيه، وقبل أن أختم هذا المحور لا بد من الإشارة إلى المشاريع الضخمة التي تعد خدمية استثمارية، وتنفيذها مستمر، وبعضها على وشك الانتهاء مثل مشاريع السكك الحديدية، ومشاريع النقل الداخلي في الرياض، ومطار الملك عبدالعزيز الدولي، وقد تم اعتماد مشروعي النقل الداخلي لكل من جدة ومكة المكرمة!.
ثالثا: على المستوى الاجتماعي، فإن الخطط الموضوعة والمشاريع المعتمدة لتحقيق المطالب والحاجات من سكن، وصحة جيدة، وتعليم متميز، وخدمات بلدية وإنسانية مختلفة، كلها خطط معلنة، وتنفيذ بعضها بدأ فعلا، كالإسكان مثلا، وبعضها ينتظر دوره في التنفيذ، وفق الخطط الموضوعة، مثل خصخصة التعليم والصحة والخدمات البلدية، وغيرها.
وإضافة إلى ذلك، فقد نجحت الرؤية في إخراج المجتمع السعودي من تحت خيمة التهيب من الفرح والخوف من الترفيه، بسبب ما زرعته ما سمي بالصحوة من تحريم لمباحات، وتشدد وتطرف قتل روح الحياة السوية في الوطن، وحوله إلى ما يشبه خيمة عزاء، لا تسمع فيها إلا الوعظ، والتهديد والوعيد بعذاب الآخرة، مما سبب 
للناس عذابا دنيويا مقيما!، ولكن الرؤية جاءت فأخرجت الوطن بوعي وحنكة وحزم إلى باحة واسعة مكتنزة بكل أنواع الترفيه المباح، والتي يحتاجها مجتمع عرف عنه الحفاظ الشديد على قيمه وأخلاقه، حتى وهو يبحث عن مجالات هذا الترفيه المباح في بلدان العالم القريب والبعيد، هذا البحث الذي كان يحرم الوطن على مدى عقود من دخل اقتصادي ضخم يضخه السعوديون بالمليارات سنويا في اقتصادات الدول التي يقصدونها!، ومما كان يزيد حيرة السعوديين، بل وغبنهم، أن وطنهم لديه كل الإمكانات التي باستثمارها محليا يمكن تحقيق تلك المطالب الترفيهية المباحة! لكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا! 
هذه باختصار، هي ملامح الربيع السعودي الذي انطلق مع رؤية 30/‏20 بوتيرة متسارعة، وهنا لا أريد أن أقارن هذا الربيع السعودي المورق المزهر بالإنجاز والطموح والحلم، بما سمي بثورات الربيع العربي، في بعض البلدان العربية التي شهدتها، وتم اختطافها -مع سبق التخطيط والترصد!- من تنظيمات الإرهاب باسم الدين، وبدعم من تنظيمات «الحمدين، والولي الفقيه!»، وأميركا «أوباما وإدارته!»، 
نعم، لن أقارن، لأن المقارنة هنا تنتقص مبدئيا من قدر الربيع السعودي!، لا سيما وحال بعض تلك البلدان أصبح محزنا ومؤلما ومخيفا!.
الذي أود أن أشير إليه هنا ليس مقارنة، وإنما رسالة واضحة لكل من تآمر على المملكة من تنظيمات الإرهاب، وعلى رأسها تنظيما «الحمدين، والولي الفقيه!»، ومن هيمنوا عليه، ودعموه من تنظيمات إرهابية هدفها السلطة، لأقول ويقول كل سعودي وسعودية لهم جميعا: أردتم للسعودية ثورة فوضى، فأقامت ربيعها الجميل على أنقاض أوهامكم، ومخططاتكم التي تكسّرت على صخرة صبرها الطويل!، وحلمها الخصيب الذي أغراكم بالتمادي في الغيّ، فختمت بضربة حليم غضب!، فاضربوا الآن أخماسا في أسداس، خاصة أنت يا «تنظيم الحمدين!» إلى أن تعرفوا أن الطريق إلى النجاة يبدأ من قصر اليمامة في الرياض!، أو اختاروا طريق رحل أم قشعم!! وهو -كما يبدو- وأمام تماديكم، قد مهد وجهز نفسه لقدومكم الميمون!.