هاني الظاهري

كشفت وثائق أبوت أباد، التي عُثر عليها في مخبأ أسامة بن لادن الأخير وأفرجت عنها وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA قبل أيام، أن تنظيم القاعدة الإرهابي من جهة وقطر وإيران من جهة أخرى «وجهان لعملة واحدة»، وأن الحرب على الإرهاب التي طالت تنظيم القاعدة وأسقطت زعيمه كان ينبغي أن تطال نظامي الدوحة وطهران منذ سنوات، لولا سذاجة إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، التي قادتها للتحالف مع الشيطان في سبيل تحقيق مصالح وهمية خُدعت بها إبان مرحلة ما سمي بثورات الربيع العربي.

تشير الوثائق التي تضمنت مفكرة لزعيم القاعدة الهالك (كُتبت بخط اليد) إلى أنه كان متابعا باهتمام شديد بداية أعمال الشغب في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين، وأن تنظيمه الإرهابي على اتصال بالمرشد الإيراني خامنئي عبر الخطابات المكتوبة، وعلى صلة كذلك بسلطات الدوحة؛ إذ يذكر في إحدى صفحات مفكرته أن إيران «شريان رئيسي» لمن يسميهم بـ«الجهاديين» في إشارة صريحة إلى أن سلطاتها متعاونة تعاوناً كاملاً مع القاعدة، ويقيم على أراضيها كثير من الإرهابيين وعلى رأسهم ابنه حمزة الذي تم الكشف عن مشاهد فيديو من حفل زفافه داخل إيران.

وتكشف صفحات المفكرة عن رغبة بن لادن في انتقال ابنه من إيران إلى قطر، حيث يراها الدولة القادرة على حمايته وتلقينه العلم الشرعي حسب وصفه، ثم يتطرق بحديثه إلى ضرورة إنشاء مجلس للعلماء في قطر لإدارة ثورات الربيع العربي ويكون نواة لأول حكومة عند إقامة الدولة الإسلامية التي يحلم بها، مقترحا أن يضم ذلك المجلس أسماء بعينها «الأحمري، النفيسي، وحامد العلي»، وأن يتحرك القرضاوي لحث الناس على الثورات في دول الخليج والعالم العربي ما عدا قطر، التي يصفها بداعمة الثورات الساعية لإسقاط الأنظمة عبر قناتها «الجزيرة».

قُتل ابن لادن في شهر مايو 2011، لكن قطر سعت بكل جد لتنفيذ مشروعه كاملا كما تخيله قبل مصرعه؛ إذ واصلت دعم ما سمي باتحاد علماء المسلمين الذي أتم حينها عامه السابع برئاسة القرضاوي، وتبنت تأسيس ودعم ما سمي بملتقى النهضة الشبابي الذي عمل على تدريب مجموعات من معظم الدول العربية على الأنشطة الإرهابية لخدمة الثورات وليكون نواة «التغيير المرتقب»، ولم تتوقف عند ذلك بل منحت الأشخاص الذين سماهم زعيم القاعدة الهالك «الأحمري والنفيسي والعلي» دعما مفتوحا عبر قناتها الجزيرة التي تحولت إلى منبر لهم في السنوات اللاحقة.

أما إيران فدعمت مشروع بن لادن بالمال والسلاح في البحرين واليمن ودخلت في الصراع السوري عسكريا؛ إذ أشار الإرهابي الهالك في مفكرته إلى أن سقوط البحرين واليمن في الفوضى يعني سقوط السعودية وبقية دول الخليج خلال ستة أشهر من ذلك.

الجيد في مسألة الكشف عن هذه الوثائق هو تأكيد عزم إدارة الرئيس ترمب على محاسبة قطر وإيران جنباً إلى جنب مع القاعدة وأخواتها من التنظيمات الإرهابية، باعتبار أنهما ضلعان أساسيان في مثلث الإرهاب العالمي، وليس من المستبعد أن تكون عملية تسريب الوثائق مجرد تمهيد لبدء التحرك العسكري ضد هذا المثلث الذي آن الأوان لأن يدفع الحساب.