منصور أبو العزم

لم تبالغ وسائل الإعلام التى وصفت ما يحدث فى السعودية حاليا بأنه «ثورة» حقيقية هدفها تجديد وإصلاح فكر ومؤسسات المملكة بعد أن ظلت سنوات طويلة راكدة وأسيرة الأفكار القديمة ويسيطر عليها التيار الدينى المتشدد الذى كان يتوحش لأسباب سياسية.

والواقع أنه منذ جاء الملك سلمان إلى سدة الحكم وأصبح ابنه محمد وليا لولى العهد ثم وليا للعهد وبالتالى الملك المقبل، والمملكة تشهد تغيرات كبيرة فى أوقات قصيرة، وبعد أن كان التغيير فى السعودية يستغرق عقودا بسبب الخوف من التيار المحافظ، أصبح محمد بن سلمان، ذلك الشاب الطموح الذى لا يزيد عمره على 32 عاما يقود حملة تغييرات قوية جملة واحدة لدرجة أن وصفها أحد المراقبين الأجانب الذين زاروا السعودية منذ أيام قائلا «كل شيء يتغير فى المملكة» بعد أن قام بجولة فى شوارع الرياض وجدة، فالقيود الاجتماعية التقليدية تختفي.. وها هى المرأة سوف تقود السيارة وحدها، وسوف تذهب إلى المحاكم وحدها والعديد من القرارات الأخرى المهمة فى مصلحة المرأة، وإذا كانت الصحف الغربية تشير إلى أن ولى العهد «يلغى الكثير من الأمور التى لا تعجب الغرب» فهى لا تفهم حقيقة ما يجرى وتريد أن تظهر الرجل على أنه يتبنى الأفكار الغربية، غير أن الحقيقة غير ذلك فولى العهد يدرك بحكم أنه من جيل الشباب الجديد المتعلم أن ملايين الشباب المتعلم فى أفضل جامعات العالم بالسعودية يعانون ليس فقط عدم وجود وظائف تناسب تعليمهم، ولكن أيضا الأفكار الرجعية العتيقة التى تكبل المجتمع.

غير أن أخطر ما فى «ثورة التغيير» فى السعودية هو فك الارتباط التاريخى بين الدعاة المتشددين والحكم فى السعودية وتهميش دور هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التى كانت بمنزلة «فزاعة» تعطل الأفكار الجديدة وتطور المجتمع. ولم يجرؤ أحد ملوك السعودية من قبل على الاقتراب من هذا الارتباط التاريخي، وهو تحد كبير يواجهه ولى العهد حاليا ومستقبلا كملك. ولم يكتف الأمير الشاب بذلك، بل إنه قرر شن حملة على الفساد حتى لو كان داخل الأسرة وكانت بدايتها منذ أيام حيث تم اعتقال 49 شخصية بارزة بينهم 11 أميرا ، ووزراء حاليون وسابقون.

ومن المؤكد أن السعودية سوف تشهد تغييرات أخرى قوية خلال السنوات القليلة المقبلة.